قال أبو الفتح: ومعناه إن الإبل الرَّازمة إذا نظرت إليك عاشت أنفسها فكيف بنا نحن؟
قال الشيخ: سبحان الله ما أعجب هذه القصة! ما بصر الإبل بالحسان والقباح؟ وكيف تنظر إلى المعاشيق فتعيش بها، وتظفر عيونها بالنظر إليها؟ هذا ما لم يقع في الإفهام، ولم يدر في الأوهام، ولم يُسمع بها في الجاهلية والإسلام، ومعناه إذا ظفرت عيون العشاق بنظرة منك صارت رواحلُهم بها صواحب ثواب، واستحقَّت أن تُثاب بها، ولا تُرحل، ولا تُركب، بل تسرح وتسيَّب لترعى، ولا تُكلَّف شُقَّة بعدها ولا مشقَّة، وكانت الرعب تفعل بها إذا كفتها خطباً وبلَّغتها مراداً صعباً كما قيل:
ما هيَ إلاَّ شربةٌ بالحوأبِ ... فصعِّدي من بعدها أو صوِّبي