للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإنْ جزِعْنا لهُ فلا عجبٌ ... ذا الجَزْرُ في البحرِ غيرُ معهودِ)

قال أبو الفتح: أي إنما يُعرف الجزر في غير البحر، وإذا جُزر البحر فذاك أمر عظيم. ضرب ذلك مثلاً شبه موته بجزر البحر، ويجوز أن يكون المعنى البحر يجزر، أي: يجزر ما يتصل به، ولكن مثل هذا الجزر العظيم لأي: الأحوال تنتقل؟ والمعنى إن المصائب قد تقع، ولكن على مثل هذه المصيبة ما رأينا.

قال الشيخ: في الفصل الأول خللان، وذلك أنه قال: إنما يعرف الجزر في غير البحر، والجزر إنما يعرف في البحر لا في غيره، فإذا جُزر فذلك أمر عظيم، وما جزره بأمر عظيم، فإن البحر بجزر كل يوم مرتين، حتى قيل في أهل البصرة: (إن البحر يزورهم كل يوم مرتين فإن شاءوا آذنوه وإن شاءوا حجبوه). والذي ذكره بعد هذا الفصل الأول عندي لغط لا غلط، وبعيد من معنى البيت، فإن ما فسره نفي وإثبات ونقض وإبرام، ولفظ هراء بل هباء بل هواء. والمعنى أنه يقول: إن جزعنا له فلا عجب، قال: ذلك البحر، وأراد بالبحر: سيف الدولة، غير معهود، أي: لم تجسر الحوادث على العبور ببابه والمرور بجنابه، فكيف بانتقاص أقاربه وأصحابه؟ فلا عجب من جزعنا له، فإنَّا نرى ما لم نعهده ولم نعتده، وشديد على الإنسان ما لم يُعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>