قال أبو الفتح: وقوله لها منها عليها شواهد، كأنه من كلام الصوفية، وهو صحيح،
أي: إنه إذا نظر أحد إلى استواء خلقها وتناسب أعضائها علم أنها كريمة سابقة، فكأنه قال: لها شواهد من خلقها على كرمها.
قال الشيخ: عندي أنه يصفها بالعتق والإقدام وخوض الغمرات واقتحام الهبوات وشدة المراح والصبر على الجراح، فيقول: تُساعدني سبوح بهذه الصفات، لها من تلك الغمرات شواهد عليها، أي: على عتقها وصبرها على مض الجراحات ووقع الضربات والطعنات والرشقات، وقيل لها: للغمرة من السبوح على الغمرة شواهد بخوضها لها وحسن بلائها فيها، وقتل فارسها من أنيابها وأسره من إنشائها وخروجه عنها، وإذا كان فارسها بها ملك حتى أهلك وقدر حتى صدر فكأنها تفعلها، ولعمرك هي شواهد صوادق، وقيل لها، أي للغمرة، من السبوح على السبوح شواهد نحو منها لها ولقاؤها الشدائد فيها ومعاناتها لنزاع البلايا في مجاريها وخروجها بكثرة جراحها عنها، وهذا هو الأول غير أن الهاء في الأول راجع إلى السبوح، وفي هذا القول راجع إلى الغمرة والجميع حسن جميل. ويدلك على صحة ما يتلوه: تثنى على قدر الطعان، أي: تدربت به وتجربت ومرنت عليه واعتادته حتى عرفته، فهي تتعطف على
مقاديره، وقوله:
إذا لم تُشاهد غير حُسنِ شِياتها ... وأعضائِها فالحُسنُ عنكَ مُغَيَّبُ