والثانية بسبتٍ، وهو بشيبٍ لا غير. والشيخ أبو الفتح لم يسمع منه (العميديَّات) وما بعده، لأنه لم يلقه بعد خروجه من بغداد، إلى فارس، فهاتان وأخواتهما وقعت من هذه الجهة، فكيف يتصور الاستحياء من الإبل، ولِم إذا عرض نفسه وجب أن يستحي منه هذا الاستحياء؟ من أين يلزم الإبل للماء؟ وأين الإبل من الاستحياء؟ والرجل يقول: إذا ما استجبن عارضاً نفسه عليها كرعن بشيبٍ فيه، وهو صوت مشافر الإبل عن الشرب، وعرض الماء نفسه عليها اعتراضه لها في طريقها، كأنه يدعوها إلى نفسه باعتراضه لها، واستجابتها له ورودها مناقعه المحفوفة بزهر الربيع، فهذا معنى العرض والدعاء والإجابة،
والشِّيب كثير في وصف شرب الإبل، كما قال ذو الرُّمَّة:
تداعينَ باسمِ الشِّيبِ في مُتَثَلَّمٍ ... جوانبهُ من بَصرَةٍ وسِلامِ
في نظائر لها كثيرة.
(وتنسُبُ أفعالُ السُّيوفِ نفوسَها ... إليهِ وينسُبْنَ السُّيوفَ إلى الهنْدِ)
قال أبو الفتح: الهاء في نفوسها تعود إلى الأفعال، وذلك أن أفعال السيوف أشرف من السيوف، أي: من هذه الحدائد، فأفعال السيوف تتشبه بأفعاله في مضائه وحدته. وينسُبن السيوف إلى الهند، أي: ينسبن هذا الحديد إلى الهند، إلا ترى أنه