للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمضى رأياً وعزماً منه لبذل حياته، كقوله:

فموتي في الوغى عيشي لأنِّي ... رأيتُ العيشَ في أربِ النُّفوسِ

وقوله:

والعارُ مَضَّاضٌ وليسَ بخائفٍ ... من حتفهِ مَن خافَ ممَّا قِيلا

ويدلُّك عليه قوله بعده:

وما نجا من شِفارِ البيضِ مُنفلِتٌ ... نَجا ومنهنَّ في أحشائهِ فزَعُ

يُباشرُ الأمنَ دهراً وهوَ مُختَبلٌ ... ويشربُ الخَمرَ حولاً وهوَ مُمتَقَعُ

أي: وهو وإن اختار هجنة الفرار ورضي لنفسه بهذا الشَّنار، فليس معها بناجٍ من شفارِ السيوف مع ما في قلبه من الفزع المنغِّص عليه عيشه المختبل عقله بعد مباشرة الأمن دهراً المغبِّر لونه بعد شرب الخمر حولاً.

(وجدتُموهمْ نياماً في دِمائِكمُ ... كأن قتلاكُم إيَّاهمُ فَجَعوا)

قال أبو الفتح: حدَّثني أبو الطيب، قال: لَّما هزم سيف الدولة الدُّمستق، وقتل أصحابه جاء المسلمون إلى القتلى يتخلَّلونهم، وينظرون من كان فيهم به رمق قتلوه، وكانوا يقولون لهم: رُميس رُميس ليوهموهم أنهم من الروم، فإذا تحرك أحدهم أجهزوا عليه فبينا هم كذلك أكب المشركون عليهم لاشتغال سيف الدولة عنهم فلذلك قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>