قال أبو الفتح: أي لما عرضنا لك بهواك قام مقام التصريح منا لك، ويجوز أن يكون عرضنا بمودتك، فصرحت بالهجر والبين وإظهار حزنك لما جهدك الهوى، ويجوز أن يكون المعنى لما جهدنا التعريض استروحنا إلى التصريح، فانهتك الستر، وهذا أقوى هذه الأوجه عندي، وقد جاء في الشعر مجيئاً واسعاً.
قال الشيخ: قد قلنا مراراً أنه لا يكون لقائل البيت إلا غرض واحد، فما عداه تعسف وغباوة به، وما ذكره في الفصلين الأول والثاني فاسد، والثالث أقرب إلى المراد لكنه ناقص، لأن الرجل يقول: ضاق صدري بحبك حتى لم يسعه، ولم يُغن عنه التعريض، فصرحت به تنفيثاً عن الصدر وتفريجاً عن الكرب ورجاء عاطفةٍ لك على مهجتي الهالكة بك وفيك، وكأنه ينظر إلى بيت الحسن بن هانئ:
فّبُح باسمِ من تهوى ودهني منَ الكِنَى ... فلا خيرَ في اللَّذَّاتِ من دونها سِترُ
وإلى بيتي القائل:
كَتَمتُكَ حِيناً ما أقاسيهِ في الهوى ... وصابرتُه دهراً فعيلَ بهِ الصَّبرُ
وباحت بأسرارِ الفُؤادِ مدامعٌ ... فأبصرتَ ما بي فاستوى السِّرُّ والجَهرُ