سابعاً: النبي عليه الصلاة والسلام نصح الأمة جمعاء بسكنى الشام، فعن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت)، وحضرموت في اليمن، ويكون هذا من علامات الساعة التي هي في حديث عبد الله بن سلام وكان حبراً من أحبار اليهود:(لما أتى النبي عليه الصلاة والسلام مهاجراً من مكة إلى المدينة سمع بمقدمه، وكان في أرض يزرعها ويحرثها، فأتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال: يا محمد! إني سائلك ثلاثة أسئلة لا يعلمها إلا نبي ورجل أو رجلان، قال: سل، قال: ما أول أشراط الساعة؟ ثم قال: وكيف ينزع الولد؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: أما أول أشراط الساعة: فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب)، (من المشرق) أي: من حضرموت، (إلى المغرب) أي: إلى الشام، وكل بلد يصح أن يكون شرقاً وغرباً، ولذلك العلماء كانوا يسمون الإمام الأوزاعي -وهو لبناني- إمام الغرب؛ لأن لبنان بالنسبة لهم غرب.
فهذه النار تخرج من حضرموت من اليمن فتظل تحشر الناس وتسوق الناس أمامها حتى يتكدس ويجتمع الناس في الشام، فحينئذ تقوم الساعة.
قال:(وأما الولد فإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد إليها -إما في الشبه أو الأنوثة- وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه -أي: في الذكورة أو الشبه-، وأما أول طعام أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، قال عبد الله بن سلام: آمنت بالله وأنك رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال النبي عليه الصلاة والسلام: أترى -يا عبد الله بن سلام - إذ سألتني ما كان عندي من علم حتى نزل علي جبريل فأخبرني بما أجبتك، قال: جبريل يا رسول الله، ذاك عدو اليهود من الملائكة)، يعني: أن اليهود يعادون ملائكة الله! فاليهود اتخذوا من الملائكة أعداء، فهل يمكن أن يسالموا أحداً، أو يصالحوا أحداً؟ لا يمكن، وهذه غفلة عظيمة جداً من المسلمين حكاماً ومحكومين، وغلط في ظنهم باليهود خيراً، وأنهم يمكن أن يصلوا في لحظة من اللحظات إلى عقد الصلح والأمان مع المسلمين، هذا خبل وجنون، ولو تصوره متصور من المسلمين فلا يمكن أن يكون، والله تعالى قضى عليهم بأنهم لا يمكن أن يقبلوا ذلك ولن يرضوا عنا أبداً حتى نترك ديننا إلى غير دينهم؛ لأن غرورهم يأبى عليهم أن يدخل في دينهم أحد، وإنما يكتفون بأن يخرج الناس من دينهم إلى الكفر العام لا إلى اليهودية؛ لأنهم يظنون أنهم هم الجنس المثالي والشعب المثالي شعب الله المختار كما كانوا يقولون ذلك آنفاً، وما سمعت هذا الكلام منذ فترة طويلة، فلعلهم كفوا عن ذلك؛ لعلمهم أن العالم سمع بهذه الشعارات المزيفة وآمن بها، وحسبنا أننا نوقن تمام اليقين: أن اليهود هم سفلة الخلق، وشر الخلق، ولا يمكن أبداً عقد صلح معهم، وإذا كنت أريد أن أقول كلمة حاسمة في هذا الأمر فأقول: والله العظيم! والله العظيم! والله العظيم! لا ترجع القدس ولا غيرها من بلاد الإسلام، ولا يرجع شرف المسلمين وعز المسلمين إلا بإعلان راية الجهاد في وجه كل يهودي، لا أقول: في فلسطين، بل في ربوع الأرض كلها، والتخلص منهم حتى آخر واحد فيهم، وكذلك النصارى، فلابد من معركة حاسمة، وستكون هذا المعركة على أرض فلسطين، المعركة الحاسمة بين الحق والباطل بين الإيمان والكفر إنما مسرحها ومسرح أحداثها على أرض فلسطين، وكذاب من يقول غير ذلك، فالحل هو الجهاد في سبيل الله.
وبعضهم يقولون: الجهاد خراب، ودمار، وضياع للأموال، وتخريب البيوت، وهذا كلام من لا يعرف شرف الجهاد، فالجهاد عز الأمة وشرفها، وكرامتها، وإذا كان الجهاد خراباً وفساداً ودماراً فهذه الخمر التي تقتل الآلاف من الشباب في كل يوم، يقتلون ويصعقون في الشوارع بسبب شربهم للخمر، وينامون كالكلاب بعضهم على بعض في الشوارع والطرقات، أليس هذا فيه ما يحث المسلم على أن يحافظ على شرفه وكرامته؟! فهل الجهاد مضيعة للأبدان والأموال والدماء والأعراض؟! فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وهو سبب الخلاص من هذا الضياع الذي تمر به الأمة، فالأمة ما تركت معصية أرسل الله تعالى لها نبياً خاصة إلا وقعت فيها، من التطفيف في الكيل والميزان، وشرب الخمر، واللواط، والسرقة، والزنا، وما من معصية خص الله تبارك وتعالى بقوم نبياً لهم يدعوهم للتخلص من هذه المعصية وهذه السقطة إلا وقعت هذه الزلة وهذا المعصية في الأمة حتى صارت إلفاً مألوفاً، فكأن هذا الأمة الآن جمعت بين شرور الأمم السابقة كلها، فهي أمة جديرة بأن تسحل وتسحق من على وجه الأرض، ولكن ذلك مخالف لفضل الله وسنة الله تبارك وتعالى، ووعد الله؛ لأن هذه أمة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، ولذلك كتب الله تعالى على لهذه الأمة البقاء إلى قيام الساعة، رغم ما يقع فيها من معاص، وزلات، وأخطاء؛ فإن الله تبارك وتعالى يكفر هذا بالأمراض، والبلايا، والفتن، والزلازل، والبراكين