أما فضائل بيت المقدس في سنة النبي عليه الصلاة والسلام فعشرات إن لم يكن مئات الأحاديث في الدلالة والتأكيد على أفضلية وشرف أرض الشام عموماً وبيت المقدس على وجه الخصوص، فأرض الشام هي سوريا، ولبنان، والأردن، وفلسطين.
قال ابن الفقيه: أجناد الشام أربعة: حمص، ودمشق، وفلسطين، والأردن، قال ذلك في كتاب اسمه (كتاب البلدان)، قال العلماء: لم يتم تقسيم أرض الشام إلى دويلات بهذه الأسماء إلا بعد اتفاقية سايكس بيكو، لا أقول: أرض الشام فقط، بل أرض العرب والمسلمين كلها كانت شيئاً واحداً، وما كان الواحد إذا ذهب لأداء النسك عمرة أو حجاً يتعرض لهذه العراقيل، ولهذا العنت، ولهذه المشقة التي نلقاها في هذا البلد أو غيره من البلاد، والأرض لله عز وجل، وكل واحد قائم على أمر بلد يتحكم فيها وكأنه المالك الحقيقي لها، ألا فليتق الله الجميع، فإن كل الخلق في قبضة الله عز وجل، والأرض أرض الله عز وجل، والملك ملكه، ولو شاء الله تعالى أن يأخذ الجبابرة جميعاً في أقل من طرفة عين لفعل، ولكنها السنن الكونية: كيفما تكونوا يول عليكم، أعمالكم عمالكم من جنسكم سلطها الله تبارك وتعالى عليكم.
قال ابن الفقيه: إقليم الشام جرير الشام، ديار النبيين، ومركز الصالحين، ومطلب الفضلاء، به القبلة الأولى، وموضع الحشر والمسرى -مسرى نبينا عليه الصلاة والسلام- والأرض المقدسة، والرباطات الفاضلة، والثغور الجليلة، والجبال الشريفة، ومهاجر إبراهيم، وقبر وديار أيوب، وبئره هناك، ومحاريب داود وبابه هناك، وعجائب سليمان ومدنه هناك، وتربة إسحاق وأمه، ومولد المسيح ومهده، وقرية طالوت ونهره، ومقتل جالوت وحصنه، وجب أرنيا وحبسه، ومسجد أوربا وبيته، وقبة محمد وبابه، وصخرة موسى، وربوة عيسى، ومحراب زكريا، ومعرك يحيى، ومشاهد الأنبياء، وقرى أيوب، ومنازل يعقوب، والمسجد الأقصى وقبر موسى، ومضجع إبراهيم ومقبرته هناك، وموضع لقمان ووادي كنعان، ومدائن لوط، وموضع الجنان، والباب الذي ذكره الرجلان، والمجلس الذي حضره الخصمان، وقبر مريم، وراحيل، ومجمع البحرين، مع مشاهد لا تحصى، وفضائل لا تخفى، وفواكه ورخاء، وآخرة ودنيا، به يرق القلب وتنبسط الأعضاء للعبادة.