يضرها أن تضع خططها الاقتصادية طبقاً لشروط مالية، لا تخالف مصلحتها، ولا سياستها ولا مبادئها في شيء.
كما لا يضيرها أيضاً أن تكون بلدان العالم الثالث تحذو حذوها في وضع خططها بالأسلوب نفسه، وهي تعلم أن هذه الخطط لا تنفذ إلا على شروط الرأسمال أي على شروط الدول الرأسمالية، ولن تخلو هذه الشروط من بعض الرواسب الاستعمارية، حتى في المشروعات التي تقدم تحت إشراف هيئة الأمم، مثل النقطة الرابعة التي قدمت بزعم النهوض بالبلاد المتخلفة اقتصادياً، ففشلت فشلاً ذريعاً، لأنها كانت تحتوي منذ البداية كل بذور الفشل.
أما أن تختار البلاد المتخلفة نفسها أسلوب التنمية الرأسمالي، فهو أمر أغرب، لأنها تكون كما لو قررت مبدئياً أن تضع عملها من أجل النهوض الاقتصادي، تحت رحمة الآخرين، في سجن المؤسسات المالية العالمية.
وإن بدأت بعض المجهودات، في المجال الفكري على الأقل، في البلاد المتقدمة من أجل تقديم (مشروع مرشال) جديد للبلاد المتخلفة (١)، فبعد ما نرحب بهاته الفكرة كخطوة تقدم في مجال التعاون الأولي، يجب أن نلاحظ أن نجاح مشروع كهذا ليس مشروطاً فقط بحجم المال الذي سيبذل من طرف الدول التي ستقدمه، بقدر ما سيكون مشروطاً بتحويله إلى وسيلة عمل بين الأيدي التي تحركها إرادة بقاء، كالتي حركت الشعب الألماني أيام أتاه مثل هذا المدد من أمريكا، بعد الحرب العالمية الثانية.
لم يكن هذا المدد السبب الرئيسي في نهضة ألمانيا، وإنما كان أحد المنشطات لعملها الجبار، في تلك التجربة الرائدة المعبرة عن إرادة حضارة، استطاع
(١) يبدو هذا من خلال بعض الدراسات مثل التي نشرت بجريدة لوموند Le monde تحت عنوان (مشروع مرشال للعالم الثالث) لموريس جرنييه، عدد ٢ أذار (مارس) ١٩٧٢م.