للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حدودها، لتحقق الشروط الأولية لتطبيق مخطط الدكتور (شاخت)، الذي استهدف لأسباب استراتيجية وفنية، إشادة مراكز صناعية كبرى في مناطق جديدة لتيسير التموين بالمواد الخام مع اقتصاد ما يمكن من الوقت ووسائل النقل.

فاستتبع هذا التغيير لخريطة الصناعة، تغييراً لخريطة الإسكان ولخريطة التموين بالغذاء، ولخريطة المواصلات.

وهذا الأمر هو ما يتكرر اليوم في الصين منذ بداية (الوثبة إلى الأمام)، وإنني مع حرصي ككل مسلم على مراعاة شروط الفقه الإسلامي لا أرى مسوغاً لتدخل مذهي في قضية ذات طابع تقني بحت. وهي تحت هذا الطابع لا تناقض الشرع كما لا تناقض الماركسية إلا من الناحية المذهبية، عندما يحدد (ماركس) مرحلة التطبيق الذي نحلله في هذه السطور، غاية أخلاقية للتطور الاقتصادي الاشتراكي عندما يصير العمل والتوزيع قائمين على مبدأ: "من كلِّ بحسب طاقته ولكل بحسب حاجته".

بينما لا تقرر هذا التوزيع (لقمة العيش لكل فم) لمجرد غاية أخلاقية بل بوصفها نقطة انطلاق فنية وأخلاقية معاً، يقرها ضمناً الإسلام في مبدأ الزكاة وتفرضها اعتبارات اقتصادية استثنائية، ترمي إلى خلق جو اجتماعي تنمو وتتحرك فيه كل الطاقات، في عمل مشترك من شأنه أن يغير الأوضاع النفسية في الفرد، وملامح الحياة حوله.

وبهذا يكون العمل المشترك أولاً وقبل كل شيء المدرسة التي تكوّن المسلم الجديد، الذي يستطيع مواجهة كل الظروف الاستثنائية، مثل التخلف؛ لأن مدرسة العمل المشترك تعلمه أن الإرادة إذا حركت الإنسان تجعله يكتشف الإمكان. فالوطن أو المجتمع المسلم الذي يتحول إلى ورشة، سرعان ما يكتشف أن الإمكان الذي ينتظره مما في يد الآخرين لتغيير مصيره هو في يده منذ الآن.

<<  <   >  >>