[الحق مع علي في الفتنة التي وقعت بين الصحابة الكرام]
حدث القتال بين علي وبين طلحة والزبير وعائشة في معركة الجمل، سميت بذلك لأن عائشة رضي الله عنها وأرضاها كانت فيها على جمل.
هؤلاء الثلاثة خرجوا متأولين يطلبون دم عثمان، وجاء في حديث أن النبي قال لأزواجه:(من منكن تنبح عليها كلاب الحوأب؟)، فلما نبحت عليها الكلاب قالت: أرجعوني فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا، وبعض العلماء تكلم في إسناد هذا الحديث، لكن مضى قدر الله، ووقف الصفان، فلما وقف الصفان وقف علي بن أبي طالب ينظر إلى عائشة وإلى طلحة وإلى الزبير وهو لا يريد إراقة دم مسلم واحد في هذه المعركة، وهو الحريص على هذه الأمة، فذهب إلى الزبير بن العوام فقال للزبير: أما تذكر أنني جلست معك في جلسة فمر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا زبير! أتحب علياً؟ فقال: وما لي لا أحبه فقال: لتقاتلنه وأنت ظالم له) أو كما قال، فقال الزبير: كأني لم أسمع به إلا الآن، يعني: ما تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم، فانصرف عن القتال، فجاء فاسق من الفساق فقتل الزبير، وكذلك قتل طلحة، ولما اشتد الكرب وحدث القتال الشنيع عند جمل عائشة رضي الله عنها وأرضاها خاف علي على أم المؤمنين، حتى إن بعض الذين يشعلون نار الحرب قام عند الهودج ونزع الستر فقال: ما هي إلا حميراء يعني: ما هي إلا بيضاء، هل هذه عائشة؟! فقالت: هتك الله سترك كما هتكت هذا الستر، فرؤي هذا الرجل مقتولاً عارياً والعياذ بالله.
وعندما قتل الجمل وأنزلت عائشة قال لها علي: يا أمي؛ لأنها أم المؤمنين، هل تريدين شيئاً؟ فقالت: لا، فأعطاها ما يكفيها، ثم أمر جنداً ليرجعوها سالمة إلى المدينة، وانفضت هذه الفتنة، وعلم الناس أن الحق مع علي.
وفي وقعة الجمل سمع عمار بن ياسر رجلاً من جيش علي من الذين أشعلوا نار الفتنة يسب عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فلطمه عمار أو نهره وقال: اسكت والله إنها لزوجة نبينا في الجنة، ولكن الله اختبركم وابتلاكم بها، أتسمعون له أو تسمعون لها، فهي اختبار وفتنة من الله جل في علاه.
ولما قتل رجل من جيش معاوية عمار بن ياسر دخل متهللاً فرحاً مسروراً على معاوية فقال: قد قتلت ابن سمية، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: أبشرك بما يسوءك، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(قاتل عمار في النار)، وذكر حديث:(ويح عمار تقتله الفئة الباغية)، فقال معاوية لـ عمرو بن العاص: اذهب عنا بمجنونك هذا، والمقصود أن علي بن أبي طالب كان الحق معه، وما وقع بين علي وبين معاوية وبين علي وبين طلحة، وبين علي وبين عائشة؛ هو مما يكون بين البشر، فنكف ألسنتنا عن هذا الذي حدث بينهم، وكما أن الله برأنا من الدماء التي سالت في تلك المعارك فلنصن ألسنتنا، ونحن نشهد أن الله أنزل عدالة معاوية وعلي وعائشة وطلحة والزبير من فوق سبع سماوات، وما من أحد منهم يذكر إلا وقلنا: رضي الله عنه وأرضاه، ونتمنى أن يمتع الله أعيننا بالنظر إلى وجوههم، ويجعلنا معهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.