أسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قديماً قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين، وشهد المشاهد كلها، وهذه من فضائله الجميلة، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وكل المؤرخين دائماً يبينون من ثبت في غزوة أحد؛ لأن كثيراً من الصحابة فروا يوم أحد، ومنهم عثمان بن عفان، لكن الله عفا عنهم وقال:{وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ}[آل عمران:١٥٥]، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في غزوة تبوك، وهذه تكرمة الله لهذه الأمة، ما من أمة صلى خلف آحادها نبيها إلا هذه الأمة، وليست مرة واحدة بل مرتين، وقبل أن تقوم الساعة سيصلي نبي خلف آحاد هذه الأمة، سيصلي عيسى خلف المهدي فصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر عندما ذهب ليصلح بين فريقين:(فقام بلال فاستأذن أبا بكر في الصلاة فصلى بهم أبو بكر، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل في الصف، فأخذ الناس يضربون بالأكف حتى تراجع أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، ودخل رسول صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس، بعدما أشار عليه أن مكانك، فرفع يديه في الصلاة يحمد الله على هذه الفضيلة، ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم، فقال لـ أبي بكر: ما منعك أن تمكث إذ أمرتك؟ قال: ما كان لـ ابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وفي مرة أخرى:(في صلاة الفجر تأخر رسول صلى الله عليه وسلم فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبقه عبد الرحمن بن عوف، وقام رسول صلى الله عليه وسلم يكمل ما فاته من الصلاة)، وهذه فضيلة لهذه الأمة، وقبل يوم القيامة تكون هذه الفضيلة أيضاً لهذه الأمة (عندما ينزل عيسى عليه السلام على جناح الملك، وتكون الصلاة قد أقيمت والمهدي قام ليصلي، فينظر إلى عيسى فيعرفه، فيقدم عيسى بن مريم عليه السلام، فيقول عيسى: لا، إمامكم منكم تكرمة الله لهذه الأمة).
وعن أبي سلمة عن أبيه:(أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فذهب النبي صلى الله عليه وسلم في حاجته، فأدركهم وقت الصلاة فأقاموا الصلاة، فتقدمهم عبد الرحمن فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى مع الناس خلفه ركعة، فلما سلم قال: أصبتم أو قال: أحسنتم)، وقد اختاروا أفضلهم فأم بهم، فـ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه يكفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة، وكذلك جعله عمر من الستة الذين يختار منهم الخليفة بعد عمر رضي الله عنه وأرضاه.