[الأحاديث الواردة في فضل أبي بكر رضي الله عنه]
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن الله تبارك وتعالى خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله، قال: فبكى أبو بكر) بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم! وبأبي هو وأمي أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه أفقه الصحابة على الإطلاق، وأقرأ الصحابة على الإطلاق، وهذا الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مماته ينظر فيرى عمر الفاروق يتقدم الناس ويصلي؛ فاشتد غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمعر وجهه وقال: (يأبى الله ويأبى المؤمنون إلا أبا بكر) لا بد أن يتقدم أبو بكر؛ لأنه الأحق، (يأبى الله ويأبى المؤمنون إلا أبا بكر، مروا أبا بكر أن يصلي بالناس).
انظروا إلى فقه هذا الرجل الجليل العظيم يبكى! قال أبو سعيد: فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير! فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير، كلهم قالوا: رجل خيره الله بين الدنيا وبين الآخرة فاختار الآخرة، هذا ليس فيه شيء، ما الذي يبكيك يا أبا بكر؟! لكن فقه أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه ونظره الدقيق علم أن التخيير لا يكون إلا للأنبياء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما قبض نبي إلا وخير) كل نبي يأتيه ملك الموت يقول: تختار الدنيا أم تختار لقاء الله؟ فيقول: اللهم الرفيق الأعلى! فلما بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك عبداً خير علم أبو بكر أنه لا يخير إلا النبي؛ فعلم أن رسول الله قد خير وأن الأجل قد دنا وقرب.
قال أبو سعيد رضي الله عنه: (وكان أبو بكر أعلمنا).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن إخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر) رضي الله عنه وأرضاه.
قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي) فيه دلالة على أن الخلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن الخلة لإبراهيم، وهذا فيه رد على الصوفية الذين يقولون: الخلة لإبراهيم والمحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحتجون بحديث عن ابن عباس وهو حديث ضعيف: (أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والرؤية لمحمد؟!).
يعني: محمد رأى ربه في الدنيا وهذا ليس بصحيح فالحديث ضعيف.
فهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خليلاً غير ربي) أي: رسول الله خليل الرحمن جل في علاه.
وقال عبد الله بن عمر: (كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قام على المنبر خطيباً في الناس فقال: أفضل هذه الأمة أبو بكر ثم عمر ثم الله أعلم بمن بعد ذلك.
وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: (أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة.
قلت: من الرجال؟ قال: أبوها.
قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب فعد رجالاً).
عمرو بن العاص أسلم قبل هذه الغزوة بثلاثة أشهر، وبعد ثلاثة أشهر من إسلامه أمره النبي صلى الله عليه وسلم على غزوة ذات السلاسل، فلما كان أميراً طلب المدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث إليه المدد وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وكان في المدد عمر وأبو بكر، فلما قدم أبو عبيدة بن الجراح على عمرو بن العاص قال له: أنت جئت علي فأنا الأمير، فـ أبو عبيدة بن الجراح قال: إن رسول الله أمرني ألا أنازع الأمر أهله أنت الأمير؛ فلما وجد عمرو بن العاص نفسه أميراً على أبي عبيدة وعمر وأبي بكر قال: أنا أحب الناس إلى رسول الله، أبو بكر المتقدم في الإسلام يكون تحت يدي؟! ففيه دلالة على أن الإمارة لا تدل على الفضل، بل يمكن أن يكون المفضول تحت يد الفاضل؛ فذهب عمرو بن العاص فقال: (يا رسول الله! من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة - من النساء -.
فقال: لست عن هذا أسأل بل من الرجال، فقال: أبو بكر) فهذه دلالة على أن أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه له الحظوة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.