أراد الله أن يبقى هذا البيت، وقد مرت به أحداث تاريخية عظيمة، منها: أنه مر بحادثة أبرهة، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}[الفيل:١] ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير أصحاب الفيل، ومع ذلك قال الله له:(أَلَمْ تَرَ)، فأنزل الله جل وعلا خطابه لنبيه منزلة الشيء المرئي.
وهذا من أعظم القرائن والأدلة على أن الله جل وعلا يحب أن يعرف عباده منه أنه صادق، وتصديق الله جل وعلا من أعظم القربات، قال تعالى:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}[الزمر:٣٣].
وفي هذا الحدث عاقبهم الله وبالطير، وعندي هنا ملحظ مهم وهو: أن الله عذبهم بالطير، ولا يوجد أحد يوماً ما خوف أحداً من ذريته أو من قرابته أو من الناس بالطير، لكن لما كان البيت قد جعله الله للناس أمناً خوفهم الله من حيث يأمنون، فلو قابلتهم سباع البراري والوحوش الكواسر ربما خافوا منها وهربوا؛ لأنها مظنة القتل والهلاك، لكن أن تظلهم طير فلا يمكن أن تكون مظنة هلاك؛ لأنه لا أحد يخوف أحداً بالطير، وإنما يخوفه بالحيات والعقارب والوحوش.
فهم لما أتوا لبيت آمن وأرادوا أن يهدموه خوفهم الله من حيث يأمنون.
هذا أجمل ما يمكن أن يقال.
والحديث له بقية إن شاء الله.
وجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل من حجاج بيته الحرام حجهم، وأن يعيدهم إلى أوطانهم سالمين غانمين.