[فدية حلق الرأس وغيره من محظورات الإحرام]
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة في برنامجكم (آيات الحج في القرآن) مع ضيف البرنامج الشيخ صالح بن عواد المغامسي، إمام وخطيب مسجد قباء، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله أخي الشيخ فهد، وحيا الله الإخوة المستمعين والمستمعات.
السؤال
لا زلنا في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:١٩٦]، وكنا قد أنهينا الحديث عن الإحصار ومعناه المراد به، وفي هذه الحلقة نتحدث عن قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]، ما معنى هذه الآية؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لا يخفى أن الشارع الحكيم لما شرع الإحرام جعل له محظورات يمتنع على المؤمن أن يأتيها حالة تلبسه بالإحرام، ومنها الصيد، ومنها حلق الرأس، ومنها تغطية الرأس، ومنها لبس الثياب المخيطة.
فهنا يتكلم الله جل وعلا عن أحد محظورات الإحرام، ذلك أن الإنسان قد يحتاج أحياناً إلى أن يحلق رأسه، فقال الله جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة:١٩٦]، فإذا وقع هذا وتعذر الصبر عليه، فإن الدين يسر، وشرع الله جل وعلا له الفدية.
والفدية معناها اللغوي: أن يفتدي الإنسان نفسه، أي: أن يخرج من ذلك الذي هو فيه إلى حل مباح بطريقة شرعية، فقال الله جل وعلا: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]، فحرف (أو) أفاد التخيير، فهذه الثلاث يأتيها المؤمن المضطر على التخيير.
والأصل في سبب النزول هذه الآية أن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه أهلَّ بالحج، وكان له شعر كثير، فكثرت هوام رأسه ودب القمل إليه بشدة، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (ما كنت أظن أن الأمر بلغ بك إلى هذا الحد)، فأذن له أن يحلق رأسه.
فالإذن بحلق الرأس من محظورات الإحرام، وشرعت له الفدية، فقال الله جل وعلا: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]، والآية قد أجملت لكن السنة فصلت، فالله جل وعلا قال: {مِنْ صِيَامٍ} [البقرة:١٩٦]، وهذا ينطبق على اليوم وينطبق على الشهر وينطبق على أشهر، فجاءت السنة بأنه صيام ثلاثة أيام.
{أَوْ صَدَقَةٍ} [البقرة:١٩٦] والصدقة تنطبق على الكثير، وتنطبق على القليل، وعلى إعطاء الواحد، وعلى إعطاء المائة، وجاءت السنة على أنه يطعم ستة مساكين.
{أَوْ نُسُكٍ} [البقرة:١٩٦]: أي: ذبح ذبيحة.
فأصبح الإنسان إذا ارتكب محذوراً من محذورات الإحرام كفر بفدية وهو مخير بواحد من ثلاث: إما أن يصوم ثلاثة أيام، وإما أن يطعم ستة مساكين، أو أن يذبح شاة؛ على التخيير.
المقدم: طيب يعني: معنى ذلك أن هذا مفصول تماماً لهذه القضية.
والآية عامة في محذور من محذورات الإحرام اضطر الإنسان له، فما دام الإنسان قد اضطر إلى أن يلبس ثوباً مخيطاً فحجه صحيح، وعليه الفدية: صيام أو صدقة أو نسك، وما أشبه ذلك في كل محذورات الإحرام، باستثناء الجماع فإنه من محظورات الإحرام ولكنه يفسد الحج.