للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى قوله: (وهدى للعالمين)]

الملقي: ما معنى قوله: {وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٦].

الشيخ: {وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٦]، لا شك أن أعظم الهداية توحيد الله، فلما جعل الله البيت مثابة للناس وأمناً وحرزاً لعباده، وحصناً في قضية التوحيد، حيث يعظم الله جل وعلا عنده؛ كان بذلك هدى للعالمين، لذلك لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة عام الفتح، وجد أن القرشيين وضعوا فيها صورتين لإبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام، فقال: (قاتلهم الله، والله لقد علموا ما استقسم بها قط)، أي: الأزلام.

وهذا البيت كبر النبي صلى الله عليه وسلم في نواحيه، وأمر بإخراج ما كان في الكعبة من أصنام.

والعجيب هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته طلب من سدنة البيت أن يفتحوا له باب الكعبة فرفضوا، فقال لـ عثمان بن أبي طلحة: (ليأتين يوم يكون المفتاح بيدي أضعه حيث أشاء، فقال عثمان: إذا هانت قريش يومئذٍ وذلت، فبكى صلى الله عليه وسلم)، فلما كان عام الفتح دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة.

والله يقول في آية أخرى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص:٦٨]، فاختيار قدري أن تكون السدانة في بني شيبة.

وعندما كان آخذاً بعضدتي باب الكعبة أنزل الله جل وعلا عليه قوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:٥٨]، فلما خرج بادره علي بقوله: يا رسول الله، اجمع لنا السدانة مع السقاية، فقال عليه الصلاة والسلام: أين عثمان؟ فجاء فأعطاه المفتاح، ثم قال: (خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم)، فهي إلى اليوم فيهم.

وقبل ولاية هذه الدولة المباركة على البيت كانت ولاية الأشراف ومن قبلهم في تلك الحقبة، وكان السادن يضعه في جيبه، ومفتاح الكعبة كبير، فكان الرجل يضع المفتاح في الجيب، وهو واقف عند الكعبة يدعو، فجاء أحد الحجاج، فقال للسادن: سبحان الله! ماذا تطلب من الله، فمفتاح الكعبة في جيبك، فماذا تريد تبغى أكثر من هذا! يعني: افتح باب الكعبة وادخل؟ فهذا البيت أعظم مناراته أنه هدى، إليه يحج ويعظم، ومعنى الحج: القصد مع التعظيم، ولا يكون هناك تعظيم إلا لبيت الله، أما غيره فيحترم، وهناك فرق بين الاحترام والتعظيم، والعلم عند الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>