[نبذة عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام]
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد: كنا بدأنا الحديث عن قول الله تبارك وتعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧]، ودائماً يرتبط بهذا الموضوع قصة عظيمة جاء ذكرها في كتاب الله جل وعلا وفي السنة النبوية المطهرة.
ففي قول الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} [البقرة:١٢٧] ارتبط اسم إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بالكعبة وبالبناء، فنبدأ الحديث عنهما عليهما الصلاة والسلام.
الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما الحديث عن هذين النبيين الكريمين فإبراهيم عليه الصلاة والسلام عرف بأنه أبو الأنبياء؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت:٢٧]، فحصر الله الأنبياء بعد خليل الله إبراهيم في ذريته، {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:١٢٤].
وإبراهيم عليه الصلاة والسلام تقرب إلى الله بأمور، أشهرها: أنه قدم جسده للنيران، وقدم ماله للضيفان، وقدم ولده للقربان، وفي كل هذه الثلاث كان يبتغي رضوان الرحمن؛ ولعل هذه الثلاث هي المقصودة بقول الله جل وعلا: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة:١٢٤].
فكلمات الله: أوامره، فلما أتمهن على أكمل نحو وأعظم وجه قال له ربه: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة:١٢٤]، والإمامة في الدين أمر عظيم تشرئب إليه الأعناق.
ومن ذريته صلوات ربي وسلامه عليه الابنان الكريمان: إسماعيل وإسحاق، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسنين - الحسن والحسين - ويقول: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)، ثم يقول: (إن أباكما يقصد خليل الله إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق).
أما إسماعيل فقد كان ابناً لإبراهيم عليه السلام، وإسماعيل أثنى الله جل وعلا عليه في سورة مريم بقوله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم:٥٤ - ٥٥].
وهذه عبارات ثناء عظيمة جليلة من رب العالمين لهذا العبد الصالح إسماعيل بن إبراهيم، وكفى إسماعيل شرفاً أن الله أراد أن يكون من ذريته خليله وحبيبه نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.
ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يردد هذا كثيراً: (ارموا بني إسماعيل إن أباكم كان رامياً)، فالانتساب إلى إسماعيل -والد العرب المستعربة- شرف عظيم.