والآية في اللغة: العلامة، ولها معاني أكثرها في القرآن الكريم، كقوله جل وعلا:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً}[البقرة:٢٤٨] أي: لعبرة.
لكن هنا (آيات بينات) أي أمور تلفت الأنظار غير ما تعارف الناس عليه، فالحجر في أصله علامة قسوة، لكن هذا الحجر من دلائل احترامه شرعاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قبله، وبدأ به في الطواف من دون أركان الكعبة كلها، على هذا نحرر المسألة على النحو التالي: نستصحب قول الله جل وعلا: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ}[الحج:٣٢].
فشعائر الله يجب أن تعظم، هذا عموم، والسؤال المطروح هنا علمياً، كيف تعظم؟ لا سبيل إلى معرفة كيفية تعظيمها إلا بمعرفة كيف تعامل النبي صلى الله عليه وسلم معها، وإذا جاء سيل الله بطل سيل معقل، والدين يؤخذ عن أنبياء الله ورسله، ونحن مطالبون بالاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم.
تأتي أخطاء من هنا وهناك حول هذه المسائل، فمثلاً النبي صلى الله عليه وسلم كيف يكون تعظيمه؟ فننظر للصحابة كيف تعاملوا معه، فنعرف تعظيمه، وهم لم يتخذوه وسيلة بينهم وبين الله، فلا يأتي أحد ويقول إن من تعظيمه اتخاذه وسيلة بيننا وبين الله في الدعاء، لأن الصحابة الذين أنزل عليهم القرآن وكان حياً بين أظهرهم لم يصنعوا هذا.
كذلك كل شعيرة من شعائر الدين لها نوع من التعظيم، مثلاً الله يقول:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[الحج:٣٦].
وتعظيمها بأن تقلد وتهدى إلى البيت وتنحر، فنحرها هدياً بالغ الكعبة من تعظيمها.
استسمان الأضاحي من تعظيم شعائر الله، لكن لا يمكن أن نقول: إن نحر الحجر أو استسمانه من تعظيمه، فننظر كيف عظم النبي صلى الله عليه وسلم شعيرة الحجر؟ بدأ به مقبلاً بوجهه، ومن أخطائنا أن نأتي بجواره ونضعه على يسارنا، والصواب أن يأتي الإنسان أول المطاف إلى الحجر فيقابله بوجهه، فالنبي صلى الله عليه وسلم:(استلمه وقبله) وفي رواية (سجد عليه ثم جعل الكعبة عن يساره) كما قال جابر، أي: بعد أن استلم الحجر.
إذا تعظم شعيرة الحجر باستلامها أو بتقبيلها، وإذا عجزنا فبالإشارة إليها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.