الملقي: في قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ}[آل عمران:٩٦]، ما المراد بأول بيت؟ الشيخ: المراد أول بيت للعبادة، ليس أول بيت سكن، لكن هنا يتكلم الله جل وعلا: أن أول بيت وضع في الأرض ليعبد الله جل وعلا عنده هو البيت الحرام، ثم المسجد الأقصى: وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (كم بينهما؟ فقال: أربعون عاماً).
فأربعون عاماً ما بين الكعبة وبيت المقدس، وقد مضى معنا -أستاذنا الكريم- أننا رجحنا أن إبراهيم رفع القواعد ولكنه لم يضع قواعد البيت، وهذا من الأدلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن بينهما أربعين عاماً، ومعلوم أن بعد الأربعين من وضع القواعد لم يكن هناك أحد مسلم حتى يضع بيت المقدس، فإن الذين آمنوا بإبراهيم كانوا قلة، والله جل وعلا قال:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}[العنكبوت:٢٦]، ولم يذكر أن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه كان له أتباع كثيرون، وإن كانوا موجودين:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران:٦٨].
فهذا من الأدلة على أن إبراهيم رفع القواعد ولم يضع أساسها، فقول الله جل وعلا:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ}[آل عمران:٩٦] أي: أول بيت وضع للعبادة ليعبد الله جل وعلا عنده، وفي هذا رد على اليهود ومن وافقهم في قولهم إنه كان ينبغي أن يتوجه صلى الله عليه وسلم بقبيلته إلى أرض المحشر التي هي أرض الشام.