للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ومنهم): الجامع الأقل مما جمع غيره. وليس قليل ما ذهب - من السنن - على من جمع أكثرها: دليلاً على أن يطلب علمه عند غير طبقته من أهل العلم.

بل يطلب عند نظرائه ما ذهب عليه، حتى يؤتى على جميع سنن رسول الله (بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي): فيتفرد جملة العلماء بجمعها، وهم درجات فيما وعوا منها». اهـ.

وكما أن الله تعالى قيض للكتاب العزيز، العدد الكثير والجم الغفير: من ثقات الحفظة، في كل قرن -: لينقلوه كاملاً من السلف إلى الخلف: كذلك قيض سبحانه للسنة الشريفة مثل هذا العدد - أو أكثر -: من ثقات الحفظة، فقصروا أعمارهم - وهي الطويلة - على البحث والتنقيب عن الصحيح من حديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ينقلونه عمن كان مثلهم في الثقة والعدالة، إلى أن يصلوا إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. حتى ميزوا لنا الصحيح من السقيم، ونقلوه إلينا: سليمًا من كل شائبة، عَارِيًا عن أي شك وشبهة، واستقر الأمر، وأسفر الصبح لذي عينين.

ولأن الله تعالى قد حفظ سنة رسوله كما حفظ القرآن، وجعلها حصنه ودرعه، وحارسه وشارحه -: كانت الشجي في حلوق الملحدين، والقذى في عيون المتزندقين، والسيف القاطع: لِشُبَهِ المنافقين، وتشكيكات الكائدين.

فلا غرو إذا لم يألوا جُهْدًا، ولم يدخروا وُسْعًا: في الطعن في حجيتها، والتهوين من أمرها، والتنفير من التمسك بها، والاهتداء بهديها: لينالوا من القرآن ما يريدون، ومن هدم الدين ما ينشدون، {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (١).

...


(١) [سورة التوبة، الآية: ٣٢].

<<  <   >  >>