للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظن الصدق. وذلك يقتضي بقاء احتمال الكذب وإن كان مرجوحًا. فإذا فرض أن هذا الكذب المرجوح متحقق، وكان الخبر مشتملاً على حل شيء والذي في الواقع حرمته لزم تحليل الحرام. وإن كان بالعكس لزم تحريم الحلال. وتحليل الحرام وعكسه ممتنعان. فما أدى إليهما يكون ممتنعًا اَيْضًا (١).

...

وأجيب (أولاً): بأنه منقوض بالتعبد بالمفتي والشاهدين الجائز بالإجماع كما حكاه في " جمع الجوامع " (٢). فإنه يجوز كذبهم، فإذا فرضنا هذا الكذب مُتَحَقِّقًا لزم الجُبَّائِي ما ألزمنا به من تحليل الحرام وعكسه.

وثانيا: أن المجتهد السامع لخبر العدل إذا اجتهد فغلب على ظنه عدالة المخبر وصدق خبره: فالحكم الذي اشتمل عليه الخبر هو حكم الله الذي كلفه به على رأي المصوبة. وليس في الواقع حكم يخالفه بالنسبة إلى هذا المجتهد على رأيهم. فلم يلزم تحليل حرام ولا عكسه

وإن جرينا على رأي المخطئة: لزم تحليل الحرام وعكسه. إلا أنا لا نسلم امتناع ذلك إذا كان ناشئًا عن اجتهاد وغلبة ظن، فإن الحكم الذي في الواقع ساقط عنه بالإجماع. ألا ترى أن المكلف إذا وطئ أجنبية يظنها زوجته لا حرمة عليه؟ وإذا توضأ بمتنجس يظنه مُطَهِّرًا صح وضوءه؟ وإذا توجه في الصلاة إلى غير القبلة ظَانًّا أنه مستقبل لها صحت صلاته؟ إلى غير ذلك من المسائل المعلومة.

...

الشبهة الثانية: أن التعبد به يؤدي إلى اجتماع النقيضين إذا أخبر عدلان متساويان بنقيضين. واجتماع النقيضين محال. فما أدى إليه محال اَيْضًا (٣).


(١) انظر " شرح المختصر ": ج ٢ ص ٥٨، و " شرح المُسَلَّمِ ": ج ٢ ص ١٣١.
(٢) ص ١٥٩ (أو ج ٢ ص ٨٩ من " الشرح ").
(٣) انظر " شرح المُسَلَّمِ ": ج ٢ ص ١٣١.

<<  <   >  >>