ثم نقول: لم كان الكذب على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخصوصه فاحشة عظيمة وموبقة كبيرة مستحقًا عليها هذا الوعيد الشديد. بخلاف الكذب على غيره: فإنه مع حرمته ليس بهذه المثابة. إذا لو كان مساويًا له لما كان هناك حكمة في النص على الكذب على نفسه بخصوصه مع دخوله في عموم الكذب المعلومة حرمته للجميع.
لا شك في أنه إنما نص على خصوص الكذب عليه وخصه بهذا الوعيد الشديد: لأنه مستلزم لتبديل الأحكام الشرعية واعتقاد الحلال حرامًا والحرام حلالاً. وهذا الاستلزام لم يتفرع إلا عن حُجِّيَّةِ السُنَّةِ وأنها تدل على الأحكام الشرعية.
وإذا أردت أن تتحقق مما قلناه فعليك بما رواه الشيخان عن المغيرة أنه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». ثم انظر إلى ما رواه " مسلم " عن أبي هريرة أن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلاَ آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لاَ يُضِلُّونَكُمْ، وَلاَ يَفْتِنُونَكُمْ». وأخبرني بربك إذا لم يكن الحديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجة فعلام هذا التحذير من الأحاديث المكذوبة عنه؟ ولم يحصل بها الضلال والفتنة؟ ولو كان المقصود من التحديث بأحاديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجرد التسلية واللهو كرواية الأشعار وأخبار العرب وغيرهم أفلا يستوي الصادق منها والكاذب في هذا المعنى؟ ولو كان هناك فرق بينهما أفيستحق هذا الفرق التحذير الشديد من الضلال والفتنة؟ كَلاَّ.
وبالجملة: فكل ما نقلناه لك من هذه الأحاديث ونحوها ينادي أن السُنَّةَ