كان أيوب (- عليه السلام -) رجلا كثير المال من سائر صنوفه، وكان له أولاد وأهلون كثير، فسلب ذلك جميعه، وابتلي في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوي قلبه ولسانه، يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر محتسب، ذاكر الله في ليله ونهاره وصباحه ومسائه، وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعي له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، وكانت تتردد إليه وتُصلح من شأنه، وتعينه علي قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها، وقل مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر وتطعمه، وتقوم بأوده (رضي الله عنها وأرضاها) وهى صابرة معه على ما حل بها من فراق المال والولد، وما يختص به من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، وخدمة الناس، بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة، وكانت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب (- عليه السلام -) خوفا أن ينالهم من بلاءه أو تُعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحداً يستخدمها، فعمدت إلي شعرها فقصته، وباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتها بطعام طيب كثير،