دخل أحد السلف إحدى المزارع، وكان جائعا فشدته نفسه لأن يأكل وبدأت المعدة تقرقر، فنظر في الأشجار فرأي تفاحة فمد يده إليها ثم أكل نصفها ثم انتبه من غفلته بسبب الجوع، وقال لنفسه: ويحك! كيف تأكل من ثمار غيرك بدون استئذان، وأقسم ألا يرحل حتى يدرك صاحب المزرعة، يطلب منه أن يحلله من هذه التفاحة، فبحث عنه حتى دُل علي داره، فطرق عليه الباب، فلما خرج صاحب المزرعة، قال له: دخلت بستانك الذي بجوار النهر وأخذت هذه التفاحة وأكلت نصفها ثم تذكرت أنها ليست لي وأريد منك أن تعذرني وتسامحني. فقال صاحب المزرعة: أسامحك بشرط.
قال: وما هو هذا الشرط.
قال صاحب المزرعة: أن تتزوج ابنتي .. قال أتزوجها!
قال صاحب المزرعة: ولكن ابنتي: عمياء لا تُبصر، خرساء لا تتكلم، صماء لا تسمع. فأخذ يفكر .. ماذا أفعل؟ ثم علم أن الابتلاء بهذه المرأة وشأنها وترتيبها وخدمتها خير من نار جهنم جزاء ما أكل من التفاح .. فقبل الزواج .. ثم جاء يوم الزفاف وقد غلب عليه الهَمَّ .. فلما دخل عليها .. فإذا بها تقوم إليه وتقول له: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. فلما نظر إليها تخيل أن أمامه حورية من حور العين في الجنة.
قال بعد صمت: ماذا؟ إنها تتكلم .. وتسمع .. وتبصر!!! ثم أخبرها بما قال عنها أبوها، قالت صدق أبي، ولم يكذب.