كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم الليل، فأنظر إلي صلاة خالي محمد بن سوار، فقال لي يوما: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك، ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: الله معي .. الله ناظر إليًّ .. الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي، ثم أعلمته، فقال: قل في كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك، ثم أعلمته. فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة. فقلته، فوقع في قلبي حلاوته. فلما كان بعد سنة، قال لي خالي: أحفظ ما علمتك، ودم عليه إلي أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة.
فلم أزل علي ذلك سنين، فوجدت لذلك حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل، من كان الله معه، وناظراً إليه، وشاهده، أيعصيه؟ إياك والمعصية.
فكنت أخلو بنفسي، فبعثوا بي إلي المكتب، واشترطوا علي المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجع. فمضيت إلي الكتاب، فتعلمت القرآن وحفظته، وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين. (١)
(١) انظر كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي - بيان الطريق في رياضة الصبيان ٣/ ٦٤.