للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحيث يعرف الإنسانُ الجالسَ منه قريباً عرفاً) انتهى. وإذا تقرر لك: أن الفجر الصادق هو ضوء شعاع الشمس المعترض، المستمر الزيادة حتى يبين النهار، والمشرب بحمرة، وأن أوله وقت فضيلة ثم اختيار إلى الإسفار، وهو الإضاءة التامة .. علمت أن الإضاءة موجودة من أول الوقت، وأنها لا تزال تتزايد فيه، وأنها في وقت الاختيار أكثر من ذلك، وأن بتمامها يخرج ويدخل وقت الجواز، فلابد من وجود الإضاءة في وقت الفضيلة والاختيار، ولكنها في الأول أنقص منها في الثاني، وفيه أكثر من الأول، لكنها ناقصة لبقاء ظلام في السماء، وبتمامها - وهو عموم الفجر لجميع المرئي من السماء - يدخل وقت الجواز، ويشهد بذلك: أن في «الإيعاب» لما تكلم على قوله - صلى الله عليه وسلم - «أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر» ((١)،

قال المراد بالإسفار كما قال


(١) رواه رافع بن خديج، وأخرجه أحمد (الإمام أحمد. مسند أحمد. حديث رافع بن خديج (٣/ ٤٦٥))، وأبو داود (أبو داود. سنن أبي داود. (١/ ١١٥) رقم ٤٢٤)، والنسائي (النسائي. سنن النسائي (١/ ٤٧٩) رقم ١٥٣١)، وابن ماجة (ابن ماجة. سنن ابن ماجة. (١/ ٢٢١) رقم ٦٧٢)، وابن حبان (ابن حبان. صحيح ابن حبان (٤/ ٣٥٧) رقم (١٤٩٠))، والترمذي، قال: الترمذي: حسن صحيح. (الترمذي. سنن الترمذي. ١/ ٢٨٩ رقم ١٥٤). وصححه الألباني (الألباني. سلسلة الأحاديث الصحيحة (٣/ ١٨٩) رقم ١١١٥) وهو حجة من قال بتأخير الصلاة إلى الإسفار، قال الترمذي: (وهو قول بعض الصحابة والتابعين). (الترمذي. سنن الترمذي. ١/ ٢٩٠)، قال الحافظ ابن القيم في «أعلام الموقعين» بعد ذكر حديث رافع بن خديج: (وهذا بعد ثبوته، إنما المراد بالإسفار بها دوماً لا ابتداءً، فيدخل فيه مغلساً ويخرج منها مسفراً، كما كان يفعله - صلى الله عليه وسلم - فقوله موافق لفعله، لا مناقض له، كيف يظن به المواظبة على فعل ما الأجر الأعظم في خلافه) انتهى. (ابن القيم. أعلام الموقعين. (٢/ ٦٢٠)).

وقال ابن بطال في «شرحه للبخاري»: وإخبار عائشة رضي الله عنها أن النساء، ينصرفن من الصلاة خلفه - صلى الله عليه وسلم - متلفعات لا يعرفهن أحد من الغلس إخبار عن أنه كان يداوم على ذلك، أو أنه أكثر فعله، ولا تحصل المداومة إلا على الأفضل. وقال الأمام أحمد بن حنبل: الإسفار الذي أراد عليه السلام، هو أن يتضح الفجر، فلا يشك أنه قد طلع، وقال غيره: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أسفروا بالفجر»، أي تبينوه، ولا تغلسوا بالصلاة وأنتم تشكون في طلوعه حرصا على طلب الفضل بالتغليس، فإن صلاتكم بعد تيقن طلوعه أعظم للأجر، وعلى هذا التأويل لا تتضاد الآثار. (ينظر: ابن بطال. شرح ابن البطال على صحيح البخاري. (م٢جـ٢ ص ٢٦٤ - ٢٦٥). شرح حديث عائشة (رقم ٤٩) «كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر». وحمل الألباني الأمر بالإسفار على استحباب الخروج منها وقت الإسفار وذلك بإطالة القراءة فيها. (الألباني. السلسلة الصحيحة (٣/ ١٨٩) رقم ١١١٥. وَالألباني. الثمر المستطاب (١/ ٨١)).

<<  <   >  >>