بالأمس، مرتفع في ربع السماء كأنه عمود ((١)، وربما لم ير ذلك؛ إذا كان الجو نقياً في الشتاء، وأبين ما يرى ذلك، إذا كان الجو كدراً في الصيف، ولا يرى إذا كان قمراً، فإذا رأيت ذلك فهو الفجر الأول الذي يحل فيه الطعام والشراب والنكاح، ثم ينحدر إلى ناحية المشرق مما يلي مطلع الشمس مقدار قامتين، وهو مع ذلك مستطيل قائم أعلاه دقيق وأسفله واسع، كأنه ذنب سرحان - كما جاء في الخبر -، وتحته سواد الليل في أسفل السماء، فبينما هو كذلك، إذ بدأ بياض يشبه الغبار أو الخطوط البيض، من تحت ذلك السواد، فإذا رأيته قد غشي السواد وغيَّره .. فذلك هو الفجر الثاني، ثم لا يلبث أن يختلط في البياض الأول، ويعترض في أسفل السماء، فإذا رأيته كذلك، فقد حرم الطعام والشراب والنكاح وحلت الصلاة، وقد ذكر بعض الناس: أن الفجر الأول يذهب [بعد] طلوعه، ويعود مكانه ليل، وأنكر ذلك أبو جعفر البصري، وقال: هذا شيء لم أره قط! فيما رصدت الفجر
(١) روى الإمام مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا هَذَا الْبَيَاضُ لِعَمُودِ الصُّبْحِ حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا». (مسلم. صحيح مسلم. (٢/ ٧٦٩). رقم ١٠٩٤).