للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، كنا يا رسول الله نكذبُك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوان في الحِجِر لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق.

ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اجلِس يا عمير نواسِك)).

وقال لأصحابه: ((علموا أخاكم القرآن))، وأطلق له أسيره، فقال عمير: ائذن لي يا رسولَ الله، فألحق بقريش، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديَهم .. ثم قدم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم بجُهده، فأسلم بسببه بشر كثير. (١)

وهكذا نجى الله نبيه وحبيبه من كيد عميرٍ وصفوان، فلم يجدْ عميرٌ أمام هذه المعجزة الباهرة والآية القاهرة إلا أن يشهد للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالنبوة، وللرب الذي حماه بالوحدانية.

ومن صور حماية الله لنبيه وحبيبه - صلى الله عليه وسلم - قصة شاة اليهودية، إذ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى خيبر، فقدمت له يهودية من أهل خيبر شاةً مشوية مسمومة، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذراعَ، فأكل منها، وأكل رهطٌ من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ارفعوا أيديِكم) وفي رواية: ((ارفعوا أيديكم، فإنها أخبرتني أنها مسمومة)). (٢)

وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليهودية فدعاها، فقال لها: ((أسمَمْت هذه الشاة؟)) قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: ((أخبرتني هذه في يدي)). للذراع، قالت: نعم.

قال: ((ما أردت إلى ذلك؟)) قالت: قلتُ: إن كان نبياً فلن يضرَه، وإن لم يكن نبياً استرحنا منه. فعفا عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعاقبها. (٣)

وفي رواية للخبر في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلكَ. فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما كان الله ليسلطَكِ عليّ)). (٤)


(١) رواه الطبراني في معجمه الكبير ح (١١٧)، وابن هشام في السيرة (٣/ ٢١٣).
(٢) ٢ رواه أبو داود ح (٤٥١٠)، والحديث أصله في البخاري ح (٢٦١٧)، ومسلم ح (٢١٩٠).
(٣) رواه أبو داود ح (٤٥١٠) وهو صحيح كما قال الألباني في مشكاة المصابيح ح (٥٩٣١).
(٤) رواه البخاري ح (٢٦١٧)، ومسلم ح (٢١٩٠).

<<  <   >  >>