للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما ثالث أشراط الساعة المذكورة في الأحاديث آنفاً؛ فهو انتشارُ الزنا وشيوعُه بين الناس، وهو أمر يكثر - عياذاً بالله – عند غير المسلمين، وهذه الشناعة استقبحتها الأمم طوال تاريخ الإنسانية، وأصبحت الآن تعرض في وسائل التقنية الحديثة، وعمدت بعض الدول إلى تقنينها، وأجازتها قوانينها وتشريعاتها، بل جعلها بعضهم ضرباً من ضروب التجارة والكسب.

ورابع الأشراط التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كثرة الفتن وما يستتبعها من كثرة الهرج الذي هو القتل، وقد أبانه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قَتل، ولا يدري المقتول على أي شيء قُتِل)). (١)

ونجد مصداق هذه النبوءة النبوية في كثرة الحروب والفتن التي يقتل فيها الأبرياء، فلا يدري القاتل من يقتُل، ولا لماذا يقتُل، ومثلُه المقتول. أجارنا الله من الفتن.

وهذا يفسر لنا العلامة الخامسة من علامات النبوة، الواردة في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وتكثرَ النساء ويقلَ الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد))، فإن الرجال هم وقود الحروب والفتن دون غيرهم.

قال ابن حجر: "قيل سببه أن الفتن تكثر، فيكثر القتل في الرجال؛ لأنهم أهل الحرب دون النساء ... والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر، بل يُقدِّر الله في آخر الزمان أن يقِلَ من يولد من الذكور، ويكثر من يولد من الإناث ". (٢)

وإلى صدق هذه النبوءة وقرب تحققها تشير الإحصاءات العالمية، حيث وصلت نسبة الذكور حسب إحصاءات الأمم المتحدة عام ٢٠٠٢م إلى ٤٨%، وتتوقع دائرة الإحصاءات الأمريكية أن تصل نسبة الذكور عام ٢١٠٠م إلى ٣٨% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤكد أن ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - في طريقه إلى التحقق.

وأما العلامة السادسة مما يكون بين يدي الساعة فهي تقارب الزمان، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبضَ العلم، وتكثُرَ الزلازل، ويتقاربَ الزمان .. )). (٣)


(١) رواه مسلم ح (٢٩٠٨).
(٢) فتح الباري (١/ ٢١٥).
(٣) رواه البخاري ح (١٠٣٦).

<<  <   >  >>