للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: "السَنَن بفتح السين والنون، وهو الطريق، والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد وقع ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - ". (١)

وأما ما ينتشر بين المسلمات من تبرج وتكشف في جلابيبهن وملابسهن التي أضحت صورة من صور الغواية لا الستر؛ فهذا تحقيق لما أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)). (٢)

ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((رؤوسهن كأسنمة البخت)) كما نقل النووي: "يعظمن رؤوسهن بالخمُر والعمائم وغيرها مما يلفّ على الرأس، حتى تشبه أسنمة الإبل". (٣)

قال النووي: "هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع ما أخبر به - صلى الله عليه وسلم -، فأما أصحاب السياط فهم غلمان والي الشرطة، أما الكاسيات ففيه أوجه [منها أن المرأة] تكشف شيئاً من بدنها إظهاراً لجمالها، فهن كاسيات عاريات يلبسن ثياباً رقاقاً تصِف ما تحتها، كاسيات [في الصورة، لكنهن] عاريات في المعنى". (٤)

ولئن كان بعض هذا في زمن النووي رحمه الله؛ فإنه في عصرنا أظهر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

ومما يكون بين يدي الساعة أيضاً ضياع الأمانة بين الناس، وهو ما تنبأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟

يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث، فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع، حتى إذا قضى - صلى الله عليه وسلم - حديثه قال: ((أين أراه السائل عن الساعة؟)) قال: ها أنا يا رسول الله.


(١) شرح صحيح مسلم (١٦/ ٢١٩ - ٢٢٠).
(٢) رواه مسلم ح (٢١٢٨).
(٣) شرح صحيح مسلم (١٧/ ١٩٠ - ١٩١).
(٤) شرح النووي على صحيح مسلم (١٧/ ١٩٠)، وانظر فيض القدير، للمناوي (٤/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>