للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذكورة ... وفيه معجزة عظيمة، وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته - صلى الله عليه وسلم - ". (١)

ويحكي لنا سمُرة - رضي الله عنه - آية أخرى كثَّر الله فيها الطعام على يديه - صلى الله عليه وسلم -، فيقول: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ أُتي بقصعة فيها ثريد، فأكلَ وأكل القوم: فلم يزل يتداولونها إلى قريب من الظهر: يأكل كل قوم ثم يقومون، ويجيء قوم فيتعاقبوه، فقال رجل لسمُرة: هل كانت تُمَدُّ بطعام؟ قال: (أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تُمَد من السماء). (٢)

قال المباركفوري: " لا تكون كثرةُ الطعام فيها إلا من عالم العَلاء بنزول البركة فيها من السماء". (٣)

وهذا دُكَين ٍالخثعمي أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله الطعام في رهط من قومه، وهم أربعونَ وأربعُ مائة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرَ بن الخطاب: ((قم فأعطهم)).

قال: يا رسولَ الله، ما عندي إلا ما يَقيظُني والصبيةَ. (٤) قال: ((قم فأعطِهم) قال عمر: يا رسولَ الله سمعاً وطاعة.

قال دُكَين: فقام عمر، وقمنا معه، فصعد بنا إلى غرفةٍ له، فأخرج المفتاح من حُجزَتِه، ففتح الباب، فإذا بالغرفة شبيه الفصيل الرابض. (٥)

قال: شأنكم، فأخذ كل رجل منا حاجَته ما شاء الله. قال دُكين: ثم التفتُّ، وإني لمن آخرهم، وكأنا لم نرْزَأْ منه تمرة. (٦) أي لم ينقص التمر شيئاً.

وهكذا نرى تكرار هذه الأخبار التي شهدها جموع الصحابة، فهي أصدقُ الأخبار وأوثقُها، وهي بمنزلة المتواتر المقطوع بصحته وحجيته لتكرر أفرادها.


(١) فتح الباري (١١/ ٢٩٢ - ٢٩٤).
(٢) رواه أحمد في مسنده ح (١٩٦٢٢)، الترمذي ح (٣٦٢٥)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (٢٨٦٦).
(٣) تحفة الأحوذي (١٠/ ٧٠).
(٤) أي: يكفيني شهورَ القيظِ، وهو الصيف.
(٥) أي: كميةٌ من التمر أشبهتِ الجمل الصغير.
(٦) رواه أحمد ح (١٧١٢٦)، وابن حبان في صحيحه ح (٦٥٢٨).

<<  <   >  >>