للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي بعض الأحيان خص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضاً من أصحابه بشيء من دعائه فأجاب الله سؤله، وقبل دعاءه، ومنه دعاؤه لخادمه الوفي أنس بن مالك، فقد كافأه النبي - صلى الله عليه وسلم - على خدمته له بدعوة أجابها الله تعالى، فعاش أنس مجللاً ببركتها مائة سنة.

يقول أنس - رضي الله عنه -: جاءت بي أمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أُنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له.

فقال: ((اللهم أكثِر مالَه وولده) قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي ووَلَدَ وَلَدي ليتَعادُّون على نحو المائة اليوم. (١)

وفي رواية قال أنس: فما ترك خير آخرة ولا دنيا؛ إلا دعا لي به قال: ((اللهم ارزقه مالاً وولداً، وبارك له فيه)). (٢)

وقد أجاب الله دعوة نبينا، يقول أنس: (فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دُفن لصُلبي مَقْدَم حجاج البصرةَ بضعٌ وعشرون ومائة).

قال ابن حجر: "وفيه التحدّث بنعم الله تعالى، وبمعجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - لما في إجابة دعوته من الأمر النادر، وهو اجتماع كثرة المال مع كثرة الولد". (٣)

ودعا - صلى الله عليه وسلم - بالبركة لعروةَ البارقي في ماله، لما أعطاه النبي ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه. (٤)

وفي رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اللهم بارك له في صفْقة يمينه)). يقول عروة: فلقد رأيتُني أقف بكُناسة الكوفة، فأربحُ أربعينُ ألفاً قبل أن أصِل إلى أهلي". (٥)

قال ابن حجر: "المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لعروة فاستجيب له، حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه". (٦)


(١) رواه البخاري ح (٦٣٤٤)، ومسلم ح (٢٤٨١) واللفظ له.
(٢) رواه البخاري ح (١٩٨٢).
(٣) فتح الباري (٤/ ٢٦٩).
(٤) رواه البخاري ح (٣٤٤٣).
(٥) رواه أحمد في مسنده ح (١٨٨٧٧).
(٦) فتح الباري (٦/ ٧٣٤).

<<  <   >  >>