للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: "وفيه استجابة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الفَور بعين المسؤول، وهو من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم - ". (١)

وسرورُ أبي هريرة وفرحُه لم ينسياه أن يطلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوةً ثالثة، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يحبِّبَني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحبِّبَهم إلينا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم حبِّب عُبَيدَك هذا وأمَه إلى عبادك المؤمنين، وحبِّب إليهمْ المؤمنين)).

يقول أبو هريرة: فما خُلِق مؤمن يسمع بي ولا يراني؛ إلا أحبني. (٢)

وهكذا فحبُ المؤمنين في كل عصر لراوية الإسلام العظيم أبي هريرة، هو دليل باهر وبرهان ظاهر على استجابة الله دعاء نبيه وحبيبه - صلى الله عليه وسلم -.

وأما عبدُ الله بن عباس حبرُ الأمة وتَرْجُمَانُ القرآن، فإن ما أوتيَه من العلم والحكمة كان بفضل الله الذي استجاب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وذلك أنه لما كان غلاماً جهز وَضُوءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي شاكراً صنيعه: ((اللهم فقهه في الدين)). (٣)

وفي مرة أخرى وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على كتِف ابن عباس وقال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلِّمه التأويل)). (٤)

وهذه الدعوة مما تحققتْ إجابةُ اللهِ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - فيها، فقد شبَّ ابن عباس، فكان عمر يُجلِسه مع أكابر الصحابة يستشيره ويأخذ برأيه، على حداثة سنه، فقد فاق أقرانه، بما آتاه الله من الفقه في الدين وما علمه من محاسن التأويل، حتى صح عن ابن مسعودٍ فقيهِ الصحابة أنه قال فيه: " لو أدرك ابنُ عباس أسنانَنا؛ ما عاشره منا رجل" (٥) أي لنبوغه وفقهه، وكان يقول: " نِعم تَرْجُمَانُ القرآنِ ابنُ عباس ". (٦)


(١) شرح صحيح مسلم (١٦/ ٥٢).
(٢) رواه مسلم ح (٢٤٩١).
(٣) رواه البخاري ح (١٤٣)، ومسلم ح (٢٤٧٧) واللفظ للبخاري.
(٤) رواه أحمد ح (٢٣٩٣).
(٥) رواه عبد الرزاق في المصنف ح (٣٢٢١٩).
(٦) رواه عبد الرزاق في المصنف ح (٣٢٢٢٠).

<<  <   >  >>