للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما يستجيب الله دعاء أنبيائه لأصحابهم؛ فإنه يستجيب لهم إذا دعوا على الكافرين بنبوتهم أو على العاصين من أتباعهم.

فقد أجاب الله دعاء نوح عليه السلام لما قال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً - إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً} (نوح: ٢٦)، فاستجاب الله له وأغرق الكافرين {فدعا ربه أني مغلوبٌ فانتصر - ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمرٍ - وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمرٍ قد قدر - وحملناه على ذات ألواحٍ ودسرٍ - تجري بأعيننا جزاءً لمن كان كفر} (القمر: ١٠ - ١٤).

وموسى عليه السلام، دعا فرعونَ الطاغية إلى توحيد الله وطاعته، فأبى واستكبر، فدعا عليه: {وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينةً وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم} (يونس: ٨٨)، فاستجاب الله دعاءه، فغرق فرعون وملؤه، وجعل يستجدي النجاة عند الموت {حتى إذا أدركه الغرق قال آمنتُ أنه لا إله إلا الذي آمنتْ به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (يونس: ٩٠).

وهكذا كان حالُ خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، فقد سجد - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام وقال: ((اللهم عليك بقريش)) ثلاث مرّات.

يقول ابن مسعود: فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته.

ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهلِ بن هشام، وعتبةَ بنِ ربيعةَ، وشيبةَ بنِ ربيعةَ، والوليدِ بن عتبةَ، وأميةَ بنِ خلفٍ، وعقبةَ بنِ أبي مُعَيط)).

يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالحق، لقد رأيتُ الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سُحبوا إلى القليب، قليبِ بدر. (١)


(١) رواه البخاري ح (٢٤٠)، ومسلم ح (١٧٩٤) واللفظ له.

<<  <   >  >>