وَمَا الْوَاصِل مِنْهُ إِلَى الْإِنْسَان الْعَاقِل المحصل حَتَّى يَأْتِي على نَفسه وَهَذَا جَار فِي الْعَادة ومعروف عِنْد المتعرفين للأمور. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: قد مر لنا فِي الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من هَذِه الْمسَائِل كَلَام كثير فِي سَبَب قبُول الْإِنْسَان بعض الْأَسْمَاء وكراهية بَعْضهَا وَثقل بعض الْحُرُوف وخفة بَعْضهَا وَمَا يلْحق النَّفس من الْأَصْوَات الْمُخْتَلفَة بالحدة والجهارة وَغير ذَلِك وَنحن نزيد فِي هَذَا الْموضع مَا يَلِيق بزيادتك فِي الْمَسْأَلَة فَنَقُول: إِن النَّفس وَإِن كَانَت صُورَة فاعلة من حَيْثُ هِيَ كَمَال لجسم طبيعي إِلَى ذِي حَيَاة بِالْقُوَّةِ فَإِنَّهَا هيولانية منفعلة من حَيْثُ هِيَ قَابِلَة رسوم الْأَشْيَاء وصورها. وَلذَلِك صَار لَهَا سببان: أَحدهمَا إِلَى مَا تفعل بِهِ وَالْآخر إِلَى مَا كَانَ ينفعل بِهِ. فَالنَّفْس تقبل نسب الاقتراعات بَعْضهَا إِلَى بعض كَمَا تقبل نفس الاقتراعات مُفْرد مركبة. وَذَاكَ أَن أَفْرَاد الْأَصْوَات ومجموعها غير نسب بَعْضهَا إِلَى بعض لِأَن النِّسْبَة هِيَ إِضَافَة مَا وَالنَّظَر الإضافي غير النّظر فِي ذَوَات الأدوات وَكَذَلِكَ تَأْثِير هَذَا غير تَأْثِير ذَاك. وَلما كَانَت هَذِه النّسَب كَثِيرَة مُخْتَلفَة وَجب فِيهَا - ضَرُورَة - مَا يجب فِي الْأَشْيَاء المتكثرة. أَعنِي أَن لَهَا طرفين: أَحدهمَا الزِّيَادَة وَالْآخر النُّقْصَان. وَلها من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute