فَإِذا وصلت إِلَيْهِ قبلت يَده فَلَا يلْتَفت إِلَى بِطرف وَلَا ينعم لي بِحرف. واما الْفضل فَإِنِّي مَا أغشى بَابه إِلَّا ويتلقاني ويهش لي ويخصني ويسألني عَن دَقِيق أَمْرِي وجليله ويصحبني من بشره وطلاقة وَجهه وتهلله ورقة نغمته - مَا يغمرني ويعجزني عَن الشُّكْر وَأبقى خجلاً فِي أمره وَلَيْسَ غير ذَلِك. فَقَالَ الرشيد عِنْد هَذَا الحَدِيث: يَا أَبَا إِسْحَاق فَأَيّهمَا عنْدك آثر وَفعل أَيهمَا من نَفسك أوقع فَقَالَ: فعل الْفضل. هَذَا آخر الْحِكَايَة. وَمَوْضِع الْمَسْأَلَة مِنْهَا: مَا السَّبَب فِي تشريف إِسْحَاق فعل الْفضل دون فعل جَعْفَر وَالْفضل مبذولة عرض لَا بَقَاء لَهُ وَلَا مَنْفَعَة بِهِ. ومبذول جَعْفَر جَوْهَر لَهُ بَقَاء وَالْحَاجة إِلَيْهِ ماسة والرغبات بِهِ منوطة والآمال إِلَيْهِ مصروفة. الدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك لَا تَجِد طَالبا فِي الدُّنْيَا لبشر رجل وَلَا ضَارِبًا فِي الأَرْض لبشاشة إِنْسَان. وَأَنت ترى الْبر وَالْبَحْر مترعين بمنتجعي المَال وَأَبْنَاء السُّؤَال وخدم الآمال عِنْد الرِّجَال. الْجَواب: قَالَ أَبُو عَليّ مسكويه - رَحمَه الله: أما الْحِكَايَة فأظنها مَقْلُوبَة. وَذَلِكَ أَن الْمَوْصُوف بِالْكبرِ هُوَ الْفضل وَهُوَ صَاحب الشّرف فِي الْعَطاء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute