إن فى القرآن شريعة القتال من أجل إسلام الأُمم. وهذا يُعدّ إكراهاً للناس على قبول الدين بالسيف.
الرد على الشبهة:
إن إبراهيم عليه السلام كان يدعو إلى الله، ومن يستجيب له يكون مساوياً لجميع المؤمنين بالله. ومن لا يستجيب له ويصد عن سبيل الله؛ كان يحاربه، وإبراهيم هو أب اليهود والنصارى والمسلمين. ففى سفر التكوين:" بعد هذه الأمور صار كلام الرب إلى أبرام فى الرؤيا قائلاً: لا تخف. أنا تُرس لك، أجرك كثيرًا جدًا "[تك ١:١٥] أى حارب أعداء الله وأنا أحميك كما يحمى الترس الجندى من ضربات السيوف. وفى سفر الزبور نبوءة صلى الله عليه وسلم ومن أوصافه فيها:" أما أنت يا رب فترس لى، مجدى ورافع رأسى.. "[مز: ٣] ويقول النصارى إن نبوءة عن المسيح , وهم يعلمون أن المسيح لم يحارب ولم يفتح بلاداً. وفى هذه النبوءة يصرخ النبى إلى الله أن ينصره، وقد أجابه من جبل قدسه " بصوتى إلى الرب أصرخ فيجيبنى من جبل قدسه " وجبل قدسه فى مكة المكرمة.
وفى التوراة أنه لا يحل لليهود أن يملك عليهم وثنى. فلو فرضنا أن ملكاً وثنياً قصد ديارهم وملك عليهم؛ تفرض أنهم مأمورون بقتاله، ذلك قوله:
" لا يحل لك أن تجعل عليك رجلاً أجنبيًّا ليس هو أخاك "[تث ١٥:١٧] وفى التوراة: " إذا خرجت للحرب على عدوك، ورأيت خيلاً ومراكب قوماً أكثر منك؛ فلا تخف منهم؛ لأن معك الرب إلهك"[تث ٢٠: ١] وهو معهم إذا كانوا يحاربون من أجل دينه، ونبذ عبادة الأوثان. وذلك لأن داود ـ عليه السلام ـ وهو يحارب جالوت؛ قال له: ́فتعلم كل الأرض أنه يوجد إله لإسرائيل، وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلّص الرب؛ لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا " [صموئيل الأول ١٧: ٤٦ـ٤٧] .
وفى سفر المكّابيين الثانى فى قصة الأم وأولادها السبعة أنها كانت تحرض أولادها على الشهادة فى سبيل الله. ومن كلامها: " لا أعلم كيف نشأتم فى أحشائى. فأنا لم أمنحكم الروح والحياة، ولا أنا كونت أعضاء جسد كل واحد منكم، بل الذى فعل ذلك هو خالق العالم. فهو الذى جبل الإنسان وأبدع كل شىء. وهو لذلك سيعيد إليكم برحمته الروح والحياة. لأنكم الآن تضحون بأنفسكم فى سبيل شريعته " [٢مك ٧: ٢٢ـ٢٣] . وفى إنجيل لوقا: أن المسيح أرسل تلاميذه إلى مدن بنى إسرائيل وأمرهم أن لا يحملوا زاداً ولا مالاً ولا يلبسوا أحذية. وأن يبشروا باقتراب ملكوت الله. فلما رجعوا " قال لهم: حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية. هل أعوزكم شىء؟ فقالوا: لا. فقال لهم: لكن الآن من له كيس؛ فليأخذه، ومزود كذلك. ومن ليس له فليبع ثوبه، ويشتر سيفاً " [لو ٢٢: ٣٥ـ٣٦] فقد أمرهم بشراء السيوف للحرب. وما يزال النصارى إلى هذا اليوم يحاربون أعداءهم.
وفى إنجيل متى يقول المسيح: " سمعتم أنه قبل عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشر. بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً " [متى ٥: ٣٨ـ٣٩] .
يريد أن يقول: إن التوراة مكتوب فيها العين بالعين والسن بالسن [خر ٢١: ٢٤] وأنا أقول لكم: " لا تقاوموا الشر " فى هذا الزمان الفاسد الذى ليس فيه قاضٍ عادل ولا ملك منصف. كما قال صاحب سفر الأمثال فى زمانه: " لا تقل كما فعل بى هكذا افعل به. أرد على الإنسان مثل عمله " [أم ٢٤: ٢٩] فهو وصاحب سفر الأمثال لم يخالفا شريعة موسى فى أوقات العدل. وهما ينصحان أنه إذا عم الظلم. فإنه يجب على المظلوم أن يفوض أمره إلى الله. وقد وافق هو النبى إشعياء ومؤلف سفر مراثى إرمياء على قولهما فى أيام الفساد واشتداد الظلم: " من لطمك على خدك الأيمن، فحول له الآخر أيضاً " وهذا يدل على أنه فى إرشاداته ونصحه لم يأت بجديد، مع قوله: " ما جئت لأنقصن الناموس أو الأنبياء " [متى ٥: ١٧] .
ففى سفر إشعياء: " بذلت ظهرى للضاربين، وخدى للناتفين. وجهى لم أستر عن العار والبصق " [إش ٥٠: ٦] وفى سفر المراثى: " يعطى خده لضاربه، يشبع عارا " [مرا ٣: ٣٠] .