إنه جاء فى سورة يوسف أن امرأة العزيز هيأت وليمة لبعض السيدات وأنهن قطعن أيديهن. وهذا غير معقول.
الرد على الشبهة:
كانت دعوة موسى ـ عليه السلام ـ فى الأصل عالمية لليهود وللأمم. وكان فيها الدعوة إلى حميد الصفات. وكان فيها عدم احتقار اليهودى للأممى، وعدم التعدى على أمواله وحرماته. وكان فيها الحث على دعوة الأممى إلى معرفة الله وعبادته. وفى زمان سبى بابل حَرَّف اليهود التوراة، وامتنعوا عن دعوة الأمم إلى معرفة الله، وأباح اليهود لأنفسهم أخذ الربا من الأميين، والزنا بنسائهم، وسفك دمائهم وما شابه ذلك من الصفات الذميمة. وكتبوا ما يدل على ذلك فى التوراة، وحذفوا من التوراة حال تحريفهم لها ما يمنعهم عن ظلم الأميين. ومن هذا الذى حذفوه: دعوة يوسف ـ عليه السلام ـ للمصريين الذين كانوا معه فى السجن إلى عبادة الله تعالى وترك الآلهة المتعددة، وحذف قول النسوة ليوسف:(ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم)(١) لأن هذا يتعارض مع تخليهم عن دعوة الأمم، ويتعارض مع ما اتفقوا عليه من العبث بنسائهم. وألا يكن هذا صحيحاً. فما هذه الترهات المكتوبة فى التوراة عن الأنبياء وغيرهم؟ ففى التوراة أن لوطاً ـ عليه السلام ـ زنا بابنتيه [تك ١٩] وأن سليمان ـ عليه السلم ـ أحب نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون [الملوك الأول ١١] .
وقال كاتب التوراة: إن سليمان ـ عليه السلام ـ هو ابن داود من زوجة أُورِيّا الحِثِّى. أى أنه تعدى على زوجة رجل من الأمم هو من قبيلة بنى حث وليس من اليهود. وإذا كان هذا هو المكتوب بغية التعدى على نساء الأمم؛ فإن العقل لا يتصور أن يضع فى التوراة عفة يوسف عن نساء الأمم. ولا يتصور العقل أن يكتب عن يوسف أنه فسر حلم الملك من قبل أن يخرج من السجن. لأنه لو كتب ذلك لكان معناه أن يوسف يحسن إلى من سيئ إليه. وهو يريد لليهود أن يسيئوا لمن يحسن ولمن لا يحسن.
وإن أصر مورد الشبهة على إيرادها. ففى نسخ التوراة زيادة ونقص، وفى نسخ الإنجيل أيضاً. ومن أمثلة ذلك: المزمور المائة والحادى والخمسين؛ فإنه فى النسخة القبطية فقط.