للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأشاعرة يحصرون حصول العلم اليقيني في طريقين:

(١) - التواتر.

(٢) - خبر الصادق المؤيد بالمعجزة (١).

والفلاسفة المعطلة ينكرون الثاني بإطلاق، ويقرُّون بالأول في المحسوسات، فأمكن إبطال قول الفلاسفة بطرائق كثيرة؛ منها:

(١) - إبطال قولهم باشتراط المحسوسات في التواتر، وإدخال العقليات فيه. فيقال لهم: إذا نظر جمعٌ غفيرٌ من الناس فأوصلهم نظرهم إلى نتيجة عقلية نحو وجود الله، فلم لا يعد هذا تواترًا؟ (٢).

(٢) - لو سلمنا لهم اشتراط الحسية نقول: إن أتباع الأنبياء وهم أكثر بني آدم ينقلون جيلًا بعد جيل أن رسل الله المتتابعين جاءوا بمعجزات باهرة، أوجبت صدقهم، فإيمان أتباعهم ليس تقليدًا، وإنما هو عملٌ بمقتضى ما ثبت نقله تواترًا، وهو محسوسٌ.

أقول: كان يمكن للأشاعرة أن يردوا عليهم بهذا مع عدم مخالفتهم لأصولهم، ولكن الحاصل: أن الأشاعرة لم يُلزموا الفلاسفة بما أقروا به وهو التواتر؛ بل سلَّموا لهم فيه، وحاولوا إلزامهم بما?


(١) العقائد النسفية (ص٢٨) مجموع أمهات المتون، ومثله في الإرشاد وسيأتي بعضه.
(٢) وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم التواطؤ على ليلة القدر بالرؤى المنامية، فكيف بتواتر النظر والاستدلال الجلي!.

<<  <   >  >>