وسَيَل: اسم جبل عالٍ، سُمِّي به والد " سَعْد " لطوله، وهو: خَيْرُ ابن حَمَالَة " ويُقال: حِمالة، بكسر الحاء " بن عوف بن غنم بن عامر. وهو الجادر " بن عمرو بن جُعْثُمة " " وقد قيل: خَيْثمة، وجُعْثمة، والأول أصح الثلاثة الأقوال " ابن يَشْكُر بن مُبشِّر بن صَعْب بن دُهْمان ابن نَصْر، من الأَزد، وإنما سُمِّي " عامر ": الجادر، " فيما أخبرني به رجال من أهل العلم على اختلاف رواياتهم "، لأنه تزوج بنت الحارث ابن مُضَاض الجُرْهميّ، وكانت جُرهم إذ ذاك ولاة البيت، وكان الحاجّ يتمسكون بالكعبة، ويأخذون " مِن " طينها وحجارتها تبركا بذلك، وابن عامر " كان موكَّلا بإصلاح ما تشعَّث " من جُدُرها. فسُمي: الجَادِر وسُمي ولَدُه: الجَدَرة.
وقد قيل: " إنه بنى " جدارا " للكعبة "، فسُمي: جادرا لذلك والأول أثبت.
وفي سعد بن سَيَل يقول أبو دُوَاد الإياديّ:
ما أرَى في النَّاس طُرّاً رَجُلاً ... حَضَر البأَسَ كسَعد بن سَيَلْ
فارسٌ أَضْبط فيه عُسْرةٌ ... وإذا ما وَاقفَ القرْن نَزَلْ
وتَراه يَطْرُدُ الخَيْلَ كَمَا ... يَطْرُدُ الحرُّ القَطامِيُّ الحَجَلْ
وكان سعد أول من " حَلَّى " السُّيوف بالفضَّة والذَّهب، وكان أهدى إلى كلاب مع ابنته " فاطمة " سيفين مُحلَّيين، فجُعلا في خِزانة الكعبة.
أخبرني البَرمكيّ، في كتابه الذي سمَّاه بكتاب قُريش، قال: كان كِلاب سَيِّدًا في قُريش، ويُدعى: ذا الغُرَّة، لنُور كانُ يُشرق بين عينيه، وخرج في بعض أسفاره، فوقع لِحَيٍ من اليمن، فرآه منهم شيخ مُسنّ قد عَشِي بصره، وكان عنده عِلْم، فقال: من أنت؟ فانتسب له، فقال: نعم، قد كان جَدّك مالك بن النَّضر لي أخاً وصاحباً أخبرْني عن الغرة البيضاء التي كان في جدك مالك وآبائه من قبله، أهي بك؟ قال: نعم؛ قال: فإن كُنته فتزوَّج أطهر النسائي ذات الدَّل والخِباء، بنت فارس الهيجاءِ، الفتاة الناعمة الدَّهْثمة الحازمة التي تدعى: فاطمة؛ قال: ومن هي؟ قال: ما رأيتها ببصري ولكن بلغها علميّ، هي بنت سعد بن سَيَل، ذي القواطع والأسل. فانصرف كِلاب وقد صارت المرأة شُغله.
فقال كِلاَبٌ:
أَفاطِمَ هَلْ ماليِ لقيتُك مَرَّةً ... وهل يَجْمَعُ الدَّانينَ صَيْفٌ ومَرْبَعُ
سأَبغيك في الأَرض العَريضة جاهداً ... فأَيأَس أَو أَعْطَى الذي فيه أَطمَعُ
ولم يزل كِلاب يُريغْ سعدا حتى وقع عليه ووُفِّق في الخِطبة إليه. فزوَّجه ابنته فاطمة، فنقلها إلى دار قومه، فولدت له زُهرة. وهو بَكْره وبَكرها، وبه كان يَكتنى، وولدت له زيدا. ومات وزيد صغير. فورد مكة رَبيعة بن حَرام بن ضِنَّةَ بن عبد كَبير بن عُذرة، فاحتملها إلى بلاده، فخلَّفت زُهرة في قومه، وأخذت زيدا لصغر سنِّه، فسُمِّى زيدٌ: قُصيَّا، لقصائه عن قومه، وولدت لربيعة بن حَرام: رِزَاح بن رَبيعة، وحُقَّ بن ربيعة، ونحن نذكر هذه الأخبار مستقصاة في مواضعها، ليكون ذلك أبعد بقارئ هذا التعليق عن ملل يُغْفَر لهوانه، " وبالله التوفيق ".
" سَبَل ": في بكر بن وائل: سَبَل بن يثربي بن امرئ القيس بن رَبيعة ابن مالك بن ثعلبة بن عكاية بن صَعب بن علي ابن بكر بن بكر بن وائل. وهو جَد مصْقلة بن هبيرة بن سَبَل بن يَثربيّ.
" سامة " في قريش: سَامَةُ بن لُؤيّ بن غالب بن فهرْ بن مالك بن النضر ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مُضَر. " وقد اختلف في امره "،فقيل: إنه وكعباً كانا يَشْربان، فجرى بينهما لحاء ففقأَ سامة عين كعب، وخرج هاربا، فأتى عُمَان.
وقال الكلبي، في كتاب نوافل ابني نزار: وقعت الحرب بين بني كنانة، فافترقوا فرقتين: بنو النَّضر ابن كِنَانة، وعليهم عامر بن لُؤيّ، وبنو عبد مَنَاة بن كِنَانة، وعليهم يَعْمُر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مَنَاة، ويَعْمُر هذا هو الشُّداخ، وقد قيل: الشَّدَّاخ، بفتح الشين، والأوَّل أثبت عند الكلبيّ.
وإنما سُمِّي " الشَّداخ " لشَدْخه الدِّماء بتحمله لها