حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد بن أبي طاهر قال، حدثني حبيب بن أوس الطائي قال، حدثنا قلابة الجرمي قال: قال يزيد بن المهلب يوماً لجلسائه: أراكم تعنفوني في الإقدام! قالوا: نعم، والله إنك لترمي بنفسك في المهالك، فقال: إليكم عني، فو الله لو لم آت الموت مسترسلاً، لأتاني مستعجلاً؛ إني لست آتي الموت من حبه، إنما آتيه من بغضه! وقد أحسن الحصين بن الحمام المري حيث يقول:
تأَخَّرْتُ أستبْقي الحياةَ فلم أجدْ ... حَيَاةً لِنفْسي مثلَ أن أتقدَّمَا
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد عن أبي تمام قال، قال رجل من بني عمرو بن تميم: يزعم الناس أن السيوف مأمورة تقطع وتكهم، والله ما رأيت يزيد بن المهلب قط فنبا سيفه، فقال ثابت قطنة: والله لو لم تكن السيوف مأمورةً، لصيرتها يد يزيد مأمورةً!.
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد بن أبي طاهر عن أبي تمام قال، حدثني مالك بن دلهمٍ عن ابن الكلبي قال: مات ابن لأرطاة بن سهية المري يقال له عمرو - وسهية أم أرطاة وأبوه زفر أحد بني مرة في زمن معاوية - فجزع عليه حتى ذهب عقله أو قارب، فوقف على قبره فقال:
وقفتُ على قبرِ ابن سَلْمى فلم يَكُنْ ... وُقُوفي عليه غَيْرَ مَبْكىً وَمَجْزعِ
عن الدهْرِ فاصْفَحْ إنه غَيْرُ مُعْتَبٍ ... وفي غير مَنْ قد وَارتِ الأرضُ فاطمَعِ
هل أنتَ، ابن سَلْمَى إن نظرتُكَ، رَائحٌ ... معَ القومِ أو غَادٍ غَداةَ غدٍ معي؟
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو تمامٍ قال: تذاكرنا الكلام في مجلس سعيد بن عبد العزيز التنوخي وحسنه، والصمت ونبله، فقال: ليس النجم كالقمر، إنما تمدح السكوت بالكلام، ولا تمدح الكلام بالسكوت، وما أنبأ عن شيءٍ فهو أكثر منه.
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو تمامٍ قال، حدثني أبو عبد الرحمن الأموي قال: تكلم رجل عند هشامٍ فأحسن، فقال هشام: إن أحسن الحديث ما أحدث بالقلوب عهداً.
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا حبيب بن أوسٍ قال، حدثني عمرو بن هاشم السروي قال: تحدثنا عند محمد بن عمرو الأوزاعي - والأوزاع من حمير - ومعنا أعرابي من بني عليم ابن جنابٍ لا يتكلم، فقلنا له: بحقٍ ما سميتم خرس العرب، ألا تحدث القوم؟ فقال: إن الحظ للمرء في أذنه، وإن الحظ في لسانه لغيره، فقال الأوزاعي: وأبيه لقد أحسن.
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أبو تمامٍ قال: قال رجل لرجل: ما أحسن حديثك! فقال له: إنما حسنه حسن جوار سمعك.
حدثنا أحمد قال، حدثنا أحمد بن أبي طاهر قال، حدثني أبو تمامٍ قال، حدثني يحيى بن إسماعيل الأموي قال، حدثني إسماعيل بن عبد الله قال، قال جدي: الصمت منام العقل، والنطق يقظته، ولا منام إلا بيقظةٍ، ولا يقظة إلا بمنامٍ.
[صفة أبي تمام وأخبار أهله]
حدثني عون بن محمد قال: كان أبو تمام طوالاً، وكانت فيه تمتمة يسيرة، وكان حلو الكلام فصيحاً، كأن لفظه لفظ الأعراب.
حدثني علي بن الحسن الكاتب قال: رأيت أبا تمامٍ وأنا صبي صغير، فكان أسمر طوالاً.
حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال: كنت جالساً مع ابن عتاب، فمر بنا رجل من الكتاب، فجلس إلينا وكان فصيحاً مليح الحديث، فأطال معنا ثم قام، فقال لي ابن عتاب: ما رأيت رجلاً أشبه لفظاً بأبي تمامٍ من هذا إلا حبسة قليلةً كانت في لسان أبي تمام.
حدثني عبد الله بن عبد الله قال: كان لأبي تمامٍ أخ يقال له سهم، وكان يقول الشعر، فمن شعره:
ونازَعْتُهُ شَيئاً إليه مُبَغَّضاً ... فلما رأى وَجدْي به صار يَعْشَقُهْ
فَدَعْه ولا تحزَنْ على فائزٍ بِه ... فإنَّ جَديداتِ الَّليالي سَتُخْلِقُهُ
حدثني سوار بن أبي شراعة قال، حدثني البحتري قال: كان لأبي تمامٍ أخ يقال له سهم، وكان يقول شعراً دوناً، فجاء إلى أبي تمام يستميحه فقال له: والله ما يفضل عني شيء، ولكني أحتال لك، فكتب إلى يحيى بن عبد الله بقصيدةٍ أولها:
إِحْدَى بنِي بكرِ بن عبدِ مَنَاهِ ... بيْنَ الكثيبِ الفَرْدِ فالأمْوَاهِ
فقال فيها:
سَهْمُ بنُ أَوْسٍ في ضَمَانِكَ وَاثِقٌ ... أَنْ لَسْتَ بالنَّاسِي ولا بالسَّاهي