على مجموعةٍ من المسلمين -على حسب فهمه- وهم العلماء والشيوخ والموظفون في وظائف إسلاميةٍ رسمية، يقومون بهذا في الخطب والدروس والمحاضرات والندوات. أما هو وأمثاله فما لهم ولهذه المهمة الصعبة، والأمر الشاق؟
وهذا وأمثاله مخطئون في هذه النظرة، وهذا الفهم، وهذا الحكم، وهذه النتيجة.
وهب أنّ " مِنْ " في الآية للتبعيض -كما قال بعض المفسرين- فلا تدل الآية على أن هذا الواجب على بعض المسلمين فقط، لورود آياتٍ أخرى صريحةٍ، توجبه على كل مسلم.
لقد اختلف المفسرون في معنى " مِن ":
فقال بعضهم إنها للتبعيض. أي لِيَقُمْ بعض أفراد الأمة بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحجة هؤلاء في هذا: أن القيام بهذا الواجب له شروطٌ لا بد منها، فلابد أن يكون المسلم عالماً بما يأمر وينهى، ملمّاً بكثيرٍ من العلوم والمعارف والأحكام والقضايا، متّصفاً بكثيرٍ من الصفات الضرورية. ولا يتيسر هذا لكل مسلم، وإنما لمجموعةٍ مختارةٍ منهم.
وقال جمهور المفسرين إنها بيانية، ومعناها: كونوا أيها المسلمون جميعُكم، أمةً، يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وهذا التعبير واردٌ في الأساليب العربية. فقد تخاطب ابنك قائلاً: أريد منك رجلاً قوياً. وقد تخاطب أخاك قائلاً: ليكن لي منك أخٌ مخلص. وقد تخاطب طلاباً قائلاً: ليكن منكم طلابٌ مجدّون.
فالآية:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} لعامة المسلمين بهذا الواجب، وخطابٌ لكل مسلم ليقوم بهذا الأمر.