للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أحد، ولا يحاسبه على ذلك أحد -سبحانه- لكن هل سيخرجهم؟ الجواب بالنفي. لأن الله سبحانه هو الذي شاء أن لا يخرجوا، وأخبرنا بهذه المشيئة في آياتٍ أخرى، تقرر خلودهم في النار بإرادة الله ومشيئته وقضائه وحكمه وأمره.

{إلا ما شاء ربك} قيْدٌ لمعنى اعتقادي، وليس له مفهومٌ عمليٌّ واقعي - والله أعلم.

قال الأستاذ سيد قطب في تفسير الآية: {ما دامت السموات والأرض}: وهو تعبيرٌ يُلقي في الذهن صفة الدوام والاستمرار. وللتعبيرات ظلال، وَظِلُّ هذا التعبير هنا هو المقصود. وقد علّق السياق هذا الاستمرار بمشيئة الله في كلتا الحالتين، وكل قرارٍ، وكل سُنَّة معلقة بمشيئة الله في النهاية، فمشيئة الله هي التي اقتضت السنّة، وليست مقيدةً بها، ولا محصورةً فيها، إنما هي طليقة، تبدِّل هذه السنة حين يشاء الله. {إن ربك فعّال لما يريد}.

وقال الأستاذ الإِمام محمد رشيد رضا في المنار:

" خالدين فيها ما دامت السموات والأرض: أي ماكثين فيها مُكث خلودٍ وبقاء، لا يبرحونها مدة دوام السموات التي تظلهم، والأرض التي تُقلّهم. وهذا بمعنى قوله في آياتٍ أخرى: {خالدينَ فيها أَبَداً}. فإن العرب تستعمل هذا التعبير بمعنى الدوام. وقد غلط من قالوا: المراد مدة دوامهما في الدنيا، فإن هذه الأرض تبدّل وتزول يوم القيامة. وسماء كلٍّ من أهل النار وأهل الجنة ما هو فوقهم، وأرضهم ما هم مستقرون عليه وهو تحتهم، قال ابن عباس: لكل جنة أرض وسماء. ورُوي مثله عن السدي والحسن.

إلا ما شاء ربك: أي إن هذا الخلود الدائم هو المعَد لهم في الآخرة،

<<  <   >  >>