للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عن أسماء - رضي الله عنها - أنها كررت: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور:٢٧] (١).

والذي يظهر لي - والله أعلم - أنَّ هذا خاصٌّ بصلاة المرء وحده، أما في صلاة الإمام بالناس فلم أجد دليلًا يدل على مشروعية ذلك، ولم أجد ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في صلاة جماعة، وقد يتأكد المنع من ذلك لمن يتطرق إليه الرياء بسبب ذلك؛ لأنَّ تَكرارَ الآيات طريق إلى التباكي والبكاء، وهذا مما ينبغي أن يدفعه الإنسان في العلانية دون السر، وهو هدي السلف كما سيتبين لنا في مسألة: هل المشروع طلب الخشوع أو دفعه؟

- المسألة الرابعة: حكم التباكي عند قراءة القرآن:

ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «قَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء:٤١]، قَالَ: حَسْبُكَ الآنَ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» (٢).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٥) رقم (٦٠٣٧)، ورجال سنده ثقات، إلا عبد الوهاب ابن يحيى الزبيري، قال عنه أبو حاتم: «شيخ»، وقال ابن حجر: «مقبول». ينظر: الجرح والتعديل (٦/ ٧٢)، تقريب التهذيب ص (٣٦٨).
(٢) صحيح البخاري (٤/ ١٩٢٥) رقم (٤٧٦٣)، وصحيح مسلم (١/ ٥٥١) رقم (٨٠٠).

<<  <   >  >>