للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أُبَيِّ بن كعب» (١).

فعمر - رضي الله عنه - لما رأى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك ذلك لمصلحة رآها، وقد تحققت تلك المصلحة، أعاد صلاة التراويح جماعة كما صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - أول الأمر، قال عبد الرحمن بن عبدٍ القاريُّ: «خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ ابْنِ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -، لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ» (٢).

والمراد بقوله: (نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ) البدعة اللغوية؛ لأن عمر - رضي الله عنه - لم يأت بما لم يُسبَق إليه، وإنما أخذه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أقر الصحابة فعلَ عمر - رضي الله عنه -.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: «هذا الاجتماع العام لَمَّا لم يكن قد فُعل سَمَّاهُ بدعة؛ لأن ما فُعِل ابتداءً يسمى بدعة في اللغة، وليس ذلك بدعة شرعية؛ فإن البدعة الشرعية التي هي ضلالة، هي: ما فُعِلَ بغير دليل


(١) فتح الباري (٣/ ١٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٤٥) رقم (٢٠١٠).

<<  <   >  >>