للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلمةٌ مجلجلةٌ رهيبةٌ تجتذب خير الورى من الفراش الدافئ؛ ليكون ذلك أعظم وقود له على متاعب الطريق، ومضايق الحياة؛ إذ إنه - صلى الله عليه وسلم - سيحمل أمانةً عظيمةً وقولًا ثقيلًا {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزَّمل:٥].

إن الذي يعيش لنفسه ومصالحه الذاتية، يمكن أن يعيش مستريحًا بعيدًا عن مصارع المخاض بين الزعازع (١) والأنواء (٢)، لكنه يعيش صغيرًا ويموت صغيرًا.

أما من كان كبير الهمة، عظيم النفس والطموح، فهذا هو من يصنع - بإذن الله - المجد التليد.

إنه كبيرٌ يحمل عبئًا كبيرًا، فما لهذا والنوم؟ وكيف سيجد سبيلًا للراحة؟ وإخلادًا للفراش الدافئ، والعيش الهادئ؟ ولهذا جاء الأمر الإلهي للنبي الكريم أن يقوم نصف الليل أو أكثره؛ ليتهيأ للمهمة الكبرى، وهكذا كل من حَمَلَ أمانةً، وتحمل أعباءً من أعباء الحياة الثقيلة، يحسن به ويتأكد في حقه أن يَتَزَوَّدَ لتلك المشاق بزاد الليل، ومعين القرآن.


(١) الزَّعَازِع: هي شدائد الدهر. ينظر: جمهرة اللغة (١/ ٢٠١)، والقاموس المحيط ص (٧٢٥).
(٢) الأَنْوَاء: جمع نوء، وهي ثمانية وعشرون نجمًا معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها في الصيف والشتاء والربيع والخريف. ينظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (١/ ٣٢٠)، وتهذيب اللغة للأزهري (١٥/ ٣٨٥).

<<  <   >  >>