وقال ابن السراج في كتاب مصار العشاق وعن أبي عبد الله ابراهيم ابن محمد بن عرفة النجوي قال دخلت على محمد بن داود الظاهري في مرضه الذي مات فيه فقلت كيف نجدك فقال حب من تعلم أورثني ما ترى قلت له ما منعك عن الاستمتاع به مع القدرة عليه فقال الاستمتاع على وجهين أحدهما النظر المباح والثاني اللذة المحظورة فإنه منعني منها ما حدثني أبي قال حدثني سويد بن سعيد قال حدثنا علي بن مسهر عن أبي يحيى العقاف عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي ص أنه قال " من عشق وكتم وعفه وصبر غفر الله ذنبه وأدخله الجنة " ثم أنشد:
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أنظر إلى السحر يجري في لواحظه ... وأنظر إلى دعج في طرفه الساجي
وانظر إلى شعرات فوق عارضه ... كأنهن نمال دب في عاج
وأنشدنا لنفسه:
ما لهم أنكروا سواداً بخديه ... ولم ينكروا سواد العيون
إن يكن عيب خده بذر الشعر ... فعيب العيون شعر الجفون
فقلت له نقيت القياس في الفقه وأثبته في الشعر فقال غلبة الهوى وملكة النفس دعوا إليه. ومات في ليلته رحمه الله قلت وقد اختلف الناس في قوله عليه الصلاة والسلام من عشق وكتم وعف الحديث فقال وقد اختلف الناس في قوله عليه الصلاة والسلام من عشق وكتم وعف الحديث فقال بعضهم كتم عشقه عن الناس وقال بعضهم كتم اسم محبوبه وقال الحصري أحب فكتم ووصل فعف وهجر فمات فهو شهيد وقال عثمان بن زكريا المؤدب أحد رواة الحديث عن سويد كتم محبوبه أنه يحبه قال الشيخ الإمام العلامة الحافظ علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي في كتابه الواضح المبين هذا حديث اسناده صحيح وإن كان جماعة من العلماء أعلوه بما ليس بعلة يرد بها يعني قوله صلى الله عليه وسلم من عشق فكتم الحديث. ونقل في كتابه المذكور أيضاً أن هذا الحديث سنده كالشمس لا مرية في صحته ولا لبس قلت ولهذا عد جماعة من الفقهاء ميت العشق من الشهداء أخذا بهذا الحديث منهم الرافعي وغيره فبعضم اشترط الشروط المذكورة وبعضهم أطلق كالشيخ محيي الدين النووي فإنه أطلق ولم يشترط شيئاً فقال والميت عشقاً والميتة طلقاً يعني من الشهداء هذا مع شدته في الدين وعدم مساهلته في هذه الأشياء وما أحسن قول ابن الأثير دمع العاشق ودم القتيل متساويان في التشبيه والتمثيل إلا أن بينهما بوناً لأنهما يختلفان لوناً وقال الإمام العلامة أبو الوليد الناجي:
إذا مات المحب جوى وعشقا ... فتلك شهادة يا صاح حقا
زواه لنا ثقاة عن ثقاة ... إلى الحبر بن عباس ترقى
وقال عبد الكريم القشيري:
إن المحب إذاتوفي صابراً ... كانت منازله مع الشهداء
يرويه أقوام غدو في صدقهم ... علماً وناهيكم بهذا الداء
وقال الحسن بن هاني:
ولقد كنا روينا ... عن سعيد عن قتادة
عن سعيد بن المسيب ... إن سعد بن عباده
قال من مات محباً ... كان من أهل الشهادة
وقال بن رواحة الحموي وأحسن ماشاء:
لاموا عليك وما دروا ... إن الهوى سبب السعادة
إن كان وصل فالمنى ... أو كان هجر فالشهادة
إنه عكس قوله هذا فقال:
يا قلب دع عنك الهوى واسترح ... ما أنت فيه حامداً أمرا
أضعت دنياي بهجرانه ... إن نلت وصلاً ضاعت الأخرى
وقال آخر:
خليلي هل خبرتما أو سمعتما ... بأن قتيل الغانيات شهيد
وقلت كأني حاضر أخاطبه:
نعم قد سمعنا أن من كتم الهوى ... وعف إلى أن مات فهو شهيد
فخذ عن مقال أنت فيه مذبذب ... فذلك ما قد كنت عنه تحيد
سياق الذي يرويه ركب ذوي الهوى ... به كل يوم سائق وشهيد
يطوفون بالأحباب خلف بيوتهم ... فمنهم قيام حولها وقعود
بعومون في بحر المدامع عندما ... تميل بهم سفن الهوى وتميد
أتبكي دوين العام من عام منهم ... وقد حد حولاً للبكاء لبيد
قلت وقد انقضى الكلام على هذه الأبواب المحكمة العقود النقية النقود المجبورة الكسور العالية القصور مشتملاً كل باب منها على بيت قصيد وبحر مديد.