وَأما قَول ذِي الْخوَيْصِرَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:((اعْدِلْ)) فَإِن أصل هَذَا الضلال أَن يرتضي الْإِنْسَان رَأْي نَفسه، فَلَو أَن هَذَا الرجل وفْق لعلم أَنه لَا رَأْي فَوق رَأْي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلكنه وَأَصْحَابه ردوا على الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله، وحاربوا عليا عَلَيْهِ السَّلَام، يَزْعمُونَ أَنه أَخطَأ فِي تحكيمه، وَإِذا ظن الْإِنْسَان من هَؤُلَاءِ أَنه أتقى من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأعلم من عَليّ ابْن أبي طَالب لم يبْق مَعَه حَدِيث. وعَلى هَذَا كثير من الْعَوام، يَعْتَقِدُونَ الشَّيْء الْخَطَأ من الْعلم الَّذِي لم يتشاغلوا بِهِ، فَلَا يقدر الْعَالم أَن يردهم عَنهُ، وَسَببه اقتناعهم بآرائهم وإعجابهم بهَا. فَيَنْبَغِي أَلا ينزعج الْعَالم إِذا ردوا عَلَيْهِ، فقد جرى لهَذَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يسلي.