(١٠٣) كشف الْمُشكل من مُسْند الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ
أسلم قَدِيما، وولاه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَحْرين، وَجُمْلَة مَا روى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة أَحَادِيث، أخرج لَهُ مِنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث وَاحِد.
اعْلَم أَنه كَانَ يكره لِلْمُهَاجِرِ من مَكَّة أَن يعود فيقيم بهَا؛ لِأَنَّهُ كالرجوع فِيمَا ترك، ورثى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسعد بن خَوْلَة لكَونه مَاتَ بِمَكَّة، فَجعل لِلْمُهَاجِرِ أَن يُقيم بعد النّسك ثَلَاثًا ثمَّ يخرج لتتحقق هجرته.
وَقد كَانَ جمَاعَة من الصَّحَابَة يرَوْنَ أَن هَذَا كَانَ فِي بداية الْإِسْلَام، فَلَمَّا صَارَت دَار إِسْلَام واستقرت الْقَوَاعِد كَانَ ابْن عمر وَجَابِر يجاوران بهَا، وَقد توطنها خلق كثير من الصَّحَابَة، وَقد ذكرتهم فِي كتاب " مَكَّة " وعَلى اسْتِحْبَاب الْمُجَاورَة بهَا أَكثر الْفُقَهَاء، مِنْهُم أَحْمد بن حَنْبَل. وَقد كره الْمُجَاورَة بهَا أَبُو حنيفَة، وَقد علل بعض أَصْحَابه بخوف الْملَل، وَقلة الاحترام لمداومة الْأنس بِالْمَكَانِ، وَخَوف ارْتِكَاب الذُّنُوب، وَهَذَا يُقَابله فضل الْمَكَان وَفضل الْعِبَادَة فِيهِ.