فَمن تبعها فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع)) .
أما الْقيام للجنازة فقد سبق أَنه مَنْسُوخ، فِي مُسْند عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام.
وَأما قَوْله: ((حَتَّى تُوضَع)) فَإنَّا كُنَّا نقُول: تُوضَع عَن أَعْنَاق الرِّجَال، حَتَّى رَأينَا فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْد)) . وَفِي لفظ أخرجه مُسلم: ((حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر)) وَوجه ذَلِك أَن التَّابِع للشَّيْء يكون بِحكمِهِ، فَمن قعد قبل وَضعهَا فَمَا تأدب لَهَا، وَلَا كَأَنَّهُ تبعها، ووضعها على الْحَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْقَبْر، فَلَا اعْتِبَار بحطها عَن الرؤوس. ثمَّ رَأينَا أَبَا بكر الْأَثْرَم وَكَانَ من كبار الْعلمَاء - يَقُول: إِنَّمَا المُرَاد بِهِ: حَتَّى تُوضَع عَن مناكب الرِّجَال، وَاحْتج بِحَدِيث الْبَراء: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد، فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا حوله. قَالَ: وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة غلط من أبي مُعَاوِيَة، فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة. وَإِنَّمَا رَوَاهُ سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ((من تبع جَنَازَة فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع)) فغلط أَبُو مُعَاوِيَة فِي إِسْنَاده وَفِي كَلَامه. قلت: وَيُمكن أَن يُقَال: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جلس هُنَاكَ لِأَنَّهُ لم يكمل حفر الْقَبْر فَرَأى الْأَمر يطول، بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ محفورا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute